তাফসির মিযান
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
জনগুলি
فقد تحصل أن الكلمة كلمة تشريف تختص بالسابقين الأولين من المؤمنين، ولا يبعد جريان نظير الكلام في لفظة الذين كفروا فيراد به السابقون في الكفر برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من مشركي مكة وأترابهم كما يشعر به أمثال قوله تعالى: "إن الذين كفروا سواء عليهم، أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون": البقرة - 6.
فإن قلت: فعلى ما مر يختص الخطاب بالذين آمنوا بعده خاصة من الحاضرين في زمان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أن القوم ذكروا أن هذه خطابات عامة لزمان الحضور وغيره والحاضرين الموجودين في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرهم وخاصة بناء على تقريب الخطاب بنحو القضية الحقيقية.
قلت: نعم هو خطاب تشريفي يختص بالبعض لكن ذلك لا يوجب اختصاص التكاليف المتضمن لها الخطاب بهم فإن لسعة التكليف وضيقه أسبابا غير ما يوجب سعة الخطاب وضيقه من الأسباب، كما أن التكاليف المجردة عن الخطاب عامة وسيعة من غير خطاب، فعلى هذا يكون تصدير بعض التكاليف بخطاب يا أيها الذين آمنوا من قبيل تصدير بعض آخر من الخطابات بلفظ يا أيها النبي، ويا أيها الرسول مبنيا على التشريف، والتكليف عام، والمراد وسيع، ومع هذا كله لا يوجب ما ذكرناه من الاختصاص التشريفي عدم إطلاق لفظة الذين آمنوا على غير هؤلاء المختصين بالتشريف أصلا إذا كانت هناك قرينة تدل على ذلك كقوله تعالى: "إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم": النساء - 137، وقوله تعالى: حكاية عن نوح: "وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم": هود - 29.
قوله تعالى: لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا، أي بدلوا قول راعنا من قول انظرنا ولئن لم تفعلوا ذلك كان ذلك منكم كفرا وللكافرين عذاب أليم ففيه نهي شديد عن قول راعنا وهذه كلمة ذكرتها آية أخرى وبينت معناها في الجملة وهي قوله تعالى "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين": النساء - 46، ومنه يعلم أن اليهود كانت تريد بقولهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) راعنا نحوا من معنى قوله: اسمع غير مسمع ولذلك ورد النهي عن خطاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك وحينئذ ينطبق على ما نقل: أن المسلمين كانوا يخاطبون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك إذا ألقى إليهم كلاما يقولون راعنا يا رسول الله - يريدون أمهلنا وانظرنا حتى نفهم ما تقول - وكانت اللفظة تفيد في لغة اليهود معنى الشتم فاغتنم اليهود ذلك فكانوا يخاطبون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك يظهرون التأدب معه وهم يريدون الشتم ومعناه عندهم اسمع لا أسمعت فنزل.
من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا، الآية ونهى الله المؤمنين عن الكلمة وأمرهم أن يقولوا ما في معناه وهو انظرنا فقال: لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا.
قوله تعالى: وللكافرين عذاب أليم، يريد المتمردين من هذا النهي وهذا أحد الموارد التي أطلق فيها الكفر على ترك التكاليف الفرعية.
قوله تعالى: ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب، لو كان المراد بأهل الكتاب اليهود خاصة كما هو الظاهر لكون الخطابات السابقة مسوقة لهم فتوصيفهم بأهل الكتاب يفيد الإشارة إلى العلة، وهو أنهم لكونهم أهل كتاب ما يودون نزول الكتاب على المؤمنين لاستلزامه بطلان اختصاصهم بأهلية الكتاب مع أن ذلك ضنة منهم بما لا يملكونه، ومعارضة مع الله سبحانه في سعة رحمته وعظم فضله، ولو كان المراد عموم أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهو تعميم بعد التخصيص لاشتراك الفريقين في بعض الخصائل، وهم على غيظ من الإسلام، وربما يؤيد هذا الوجه بعض الآيات اللاحقة كقوله تعالى: "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى": البقرة - 111، وقوله تعالى: "وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب": البقرة - 113.
بحث روائي
في الدر المنثور، أخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما أنزل الله آية فيها، يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها.
পৃষ্ঠা ১৪২