তাফসির মিযান
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
জনগুলি
قوله تعالى: وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر، الظاهر أن ما نافية وضمير هو إما للشأن والقصة وأن يعمر مبتدأ خبره قوله: بمزحزحه أي بمبعده، وإما راجع إلى ما يدل عليه قوله: يود أحدهم، أي وما الذي يوده بمزحزحه من العذاب.
وقوله تعالى: أن يعمر بيان له ومعنى الآية ولن يتمنوا الموت وأقسم لتجدنهم أحرص الناس على هذه الحياة الحقيرة الردية الصارفة عن تلك الحياة السعيدة الطيبة بل تجدهم أحرص على الحياة من الذين أشركوا الذين لا يرون بعثا ولا نشورا يود أحدهم لو يعمر أطول العمر وليس أطول العمر بمبعده من العذاب لأن العمر وهو عمر بالأخرة محدود منته إلى أمد وأجل.
قوله تعالى: يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، أي أطول العمر وأكثره، فالألف كناية عن الكثرة وهو آخر مراتب العدد بحسب الوضع الإفرادي عند العرب والزائد عليه يعبر عنه بالتكرير والتركيب كعشرة آلاف ومائة ألف وألف ألف.
قوله تعالى: والله بصير بما يعملون، البصير من أسمائه الحسنى ومعناه العلم بالمبصرات فهو من شعب اسم العليم .
قوله تعالى: قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك إلخ.
السياق يدل على أن الآية نزلت جوابا عما قالته اليهود وأنهم تابوا واستنكفوا عن الإيمان بما أنزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعللوه بأنهم عدو لجبريل النازل بالوحي إليه.
والشاهد على ذلك أن الله سبحانه يجيبهم في القرآن وفي جبريل معا في الآيتين وما ورد من شأن النزول يؤيد ذلك فأجاب عن قولهم: إنا لا نؤمن بالقرآن لعداوتنا لجبريل النازل به أولا: أن جبريل إنما نزل به على قلبك بإذن الله لا من عند نفسه فعداوتهم لجبريل لا ينبغي أن يوجب إعراضهم عن كلام نازل بإذن الله، وثانيا: أن القرآن مصدق لما في أيديهم من الكتاب الحق ولا معنى للإيمان بأمر والكفر بما يصدقه.
وثالثا.
أن القرآن هدى للمؤمنين به، ورابعا أنه بشرى وكيف يصح لعاقل أن ينحرف عن الهداية ويغمض عن البشرى ولو كان الآتي بذلك عدوا له.
وأجاب عن قولهم: إنا عدو جبريل أن جبريل ملك من الملائكة لا شأن له إلا امتثال ما أمره به الله سبحانه كميكال وسائر الملائكة وهم عباد مكرمون لا يعصون الله فيما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وكذلك رسل الله لا شأن لهم إلا بالله ومن الله سبحانه فبغضهم واستعدائهم بغض واستعداء لله ومن كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو لهم، وإلى هذين الجوابين تشير الآيتان.
قوله تعالى: فإنه نزله على قلبك، فيه التفات من التكلم إلى الخطاب وكان الظاهر أن يقال على قلبي، لكن بدل من الخطاب للدلالة على أن القرآن كما لا شأن في إنزاله لجبريل وإنما هو مأمور مطيع كذلك لا شأن في تلقيه وتبليغه لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا أن قلبه وعاء للوحي لا يملك منه شيئا وهو مأمور بالتبليغ.
واعلم أن هذه الآيات في أواخرها، أنواع الالتفات وإن كان الأساس فيها الخطاب لبني إسرائيل، غير أن الخطاب إذا كان خطاب لوم وتوبيخ وطال الكلام صار المقام مقام استملال للحديث مع المخاطب واستحقار لشأنه فكان من الحري للمتكلم البليغ الإعراض عن المخاطبة تارة بعد أخرى بالالتفات بعد الالتفات للدلالة على أنه لا يرضى بخطابهم لردائة سمعهم وخسة نفوسهم ولا يرضى بترك خطابهم إظهارا لحق القضاء عليهم.
قوله تعالى: عدو للكافرين، فيه وضع الظاهر موضع المضمر والنكتة فيه الدلالة على علة الحكم كأنه قيل: فإن الله عدو لهم لأنهم كافرون والله عدو للكافرين.
قوله تعالى: وما يكفر بها إلا الفاسقون، فيه دلالة على علة الكفر وأنه الفسق فهم لكفرهم فاسقون ولا يبعد أن يكون اللام في قوله: الفاسقون للعهد الذكري ويكون ذلك إشارة إلى ما مر في أوائل السورة من قوله تعالى: وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه الآية.
وأما الكلام في جبريل وكيفية تنزيله القرآن على قلب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذا الكلام في ميكال والملائكة فسيأتي فيما يناسبه من المحل إن شاء الله.
পৃষ্ঠা ১৩১