وحينما كنت أدرس في السنة الرابعة من كلية أصول الدين، وكنت أتذاكر مع بعض الإخوة في أمور الكتب، ذكر أحدهم أنه رأى- أو ذُكر له- نسخة خطية لسنن سعيد بن منصور في إحدى المكتبات الخاصة في بلدة (الرَّيْن) (^١)، فوقع كلامه في نفسي، وبعد مدة سألت شيخنا العلامة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجبرين (^٢) عمّا إذا كان يعرف مكتبة هناك- وذكرت له ما قاله الأخ المذكور-، فوعدني بالتحرِّي عن ذلك إذا ما قدِّر له الذهاب إلى بَلَدِهِ (القويعية). وقد وفَّى بوعده- جزاه الله عني وعن المسلمين خير الجزاء-، وفوجئت به يستدعيني، ويبشِّرني بعثوره على نسخة خَطِّيَّةٍ أصليّة من سنن سعيد بن منصور في مكتبة الشيخ محمد بن سعود الصُّبَيْحي إمام جامع بَلْدَة (الرَّيْن) (^٣)، لكنها نسخة غير كاملة. وأخبرني أنه طلب من صاحبها السماح لي بتصويرها، فأجاب، وزيادة على ذلك كتب الشيخ معي كتابًا إليه، وأرسل معي أحد أبناء عمومته ليدُلَّني، وهو الشيخ حمد بن عبد العزيز الجبرين، فذهب معي مشكورًا، وحملت آلة النسخ معي في السيارة، ولا أطيل في ذكر التفاصيل، فقد دفع الشيخ محمد بن سعود الصبيحي الكتاب إلي، فصوّرته، وأعدته إليه، وكنت إذْ ذاك مشغولًا بإعداد رسالتي لنيل درجة التخصص (الماجستير)، فلما انتهيت منها، تقدمت إلى قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بالرياض بطلب الموافقة على إكمال دراستي لنيل درجة (الدكتوراة) في موضوع: (الإمام سعيد بن منصور وكتابه السنن) دراسةً وتحقيقًا،
_________
(^١) وهي بلدة إلى الجنوب من بلدة القويعية المعروفة على طريق الذاهب من الرياض إلى مكة.
(^٢) والشيخ حفظه الله من أهل القويعية وإن كان يسكن الرياض.
(^٣) وهو رجل فاضل أثنى عليه الشيخ عبد الله الجبرين، ومن عائلة معروفة بالعلم ومكتبته هذه متوارثة عن أسلافه.
المقدمة / 10