قوله تعالى: { ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن }؛ قال عبدالله بن عباس: (نزلت هذه الآية في مرثد بن أبي مرثد الغنوي وكان شجاعا فورا، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليخرج منها ناسا من المسلمين سرا؛ فلما قدمها سمعت به امرأة مشركة يقال لها: عناق، وكانت خليلته في الجاهلية؛ فأتته وقالت له: يا مرثد، ألا تخلو بي؟ فقال: ويحك يا عناق! إن الإسلام قد حال بيننا وبين ذلك. فقالت: هل لك أن تتزوج بي، فقال: نعم، لكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمره ثم أتزوجك. فقالت: أنت تتبرم، ثم استعانت عليه فضربوه ضربا شديدا ثم خلوا سبيله. فلما رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بما كان من أمره وأمر عناق وما لقي بسببها، فقال: يا رسول الله، أيحل لي أن أتزوجها؟ فأنزل الله هذه الآية). ومعناها: ولا تتزوجوا المشركات حتى يصدقن بتوحيد الله.
قال المفضل: (أصل النكاح الوطء، ثم كثر ذلك حتى قيل لعقد التزويج: النكاح). فحرم الله نكاح المشركات عقدا ووطءا، ثم استثنى الحرائر الكتابيات، فقال تعالى:
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
[المائدة: 5].
قوله عز وجل: { ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم }؛ أي نكاح أمة مؤمنة خير من نكاح حرة مشركة ولو أعجبتكم الحرة المشركة بحسنها وجمالها ومالها. نزلت في أمة سوداء كانت لحذيفة بن اليمان يقال لها خنساء، فقال لها حذيفة: يا خنساء، قد ذكرت في الملإ الأعلى مع سوادك ورمامتك، وأنزل الله ذلك في كتابه، فأعتقها حذيفة وتزوجها.
وقال السدي: "
" نزلت في أمة سوداء لعبدالله بن رواحة، كان قد غضب عليها عبدالله فلطمها، ثم فزع وأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك، وقال صلى الله عليه وسلم: " وما هي يا عبدالله؟ " فقال: هي تشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وتصوم رمضان، وتحسن الوضوء فتصلي، فقال: " هذه مؤمنة " ، وقال عبدالله بن رواحة: والذي بعثك بالحق نبيا لأعتقها ولأتزوجها؛ ففعل، فطعن عليه ناس من المسلمين وقالوا: أتنكح أمة؛ وقد عرضوا عليه حرة مشركة وكانوا يرغبون في نكاح المشركات رجاء إسلامهن، فأنزل الله هذه الآية ".
قوله تعالى: { ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا }؛ أي لا تزوجوا المشركين مسلمة حتى يصدقوا بالله، { ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم }؛ أي ولو أعجبكم الحر المشرك بماله وحسن حاله.
قوله تعالى: { أولئك يدعون إلى النار }؛ يعني المشركين والمشركات يدعون إلى عمل أهل النار. قوله تعالى: { والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه }؛ أي والله يدعو إلى أسباب الوصول إلى الجنة والمغفرة ومخالطة المؤمنين وغير ذلك، { بإذنه } أي بأمره وعلمه الذي علم أنه به وصولكم إليهما.
قوله عز وجل: { ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون }؛ أي يبين أمره ونهيه في التزويج وغيره للناس لعلهم يتعظون ويرغبون في أهل الديانة والأمانة. واعلم: أن الظاهر أن اسم المشركات يتناول الوثنيات، وقال الله تعالى:
অজানা পৃষ্ঠা