Tafsir Ibn Kathir
تفسير ابن كثير - ت السلامة
তদারক
سامي بن محمد السلامة
প্রকাশক
دار طيبة للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الثانية ١٤٢٠ هـ
প্রকাশনার বছর
١٩٩٩ م
জনগুলি
قَرَأَ ﴿وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلا﴾ [الْإِسْرَاءِ: ١٠٦] . هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ (١) . أَمَّا إِقَامَتُهُ بِالْمَدِينَةِ عَشْرًا فَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ، وَأَمَّا إِقَامَتُهُ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ فَالْمَشْهُورُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً؛ لِأَنَّهُ، ﵊، أُوحِيَ إِلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَذَفَ مَا زَادَ عَلَى الْعَشْرَةِ اخْتِصَارًا فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ كَثِيرًا مَا يَحْذِفُونَ الْكُسُورَ فِي كَلَامِهِمْ، أَوْ أَنَّهُمَا إِنَّمَا اعْتَبَرَا قَرْنَ جِبْرِيلَ، ﵇، بِهِ ﵇. فَإِنَّهُ (٢) قَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّهُ قُرِنَ بِهِ، ﵇، مِيكَائِيلُ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ، يُلْقِي إِلَيْهِ الْكَلِمَةَ وَالشَّيْءَ، ثُمَّ قُرِنَ بِهِ جِبْرِيلُ.
وَوَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْحَدِيثِ بِفَضَائِلِ الْقُرْآنِ: أَنَّهُ ابْتُدِئَ بِنُزُولِهِ فِي مَكَانٍ شَرِيفٍ، وَهُوَ الْبَلَدُ الْحَرَامُ، كَمَا أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنٍ شَرِيفٍ وَهُوَ شَهْرُ رَمَضَانَ، فَاجْتَمَعَ لَهُ شَرَفُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ؛ وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ إِكْثَارُ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ ابْتُدِئَ نُزُولُهُ فِيهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ جِبْرِيلُ يُعَارِضُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ في كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الَّتِي تُوُفِّيَ فِيهَا عَارَضَهُ بِهِ مَرَّتَيْنِ تَأْكِيدًا وَتَثْبِيتًا.
وَأَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَنَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ مَكِّي وَمِنْهُ مَدَنِيٌّ، فَالْمَكِّيُّ: مَا نَزَلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَالْمَدَنِيُّ: مَا نَزَلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ أَيِّ الْبِلَادِ كَانَ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ عَرَفَةَ. وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى سُوَرٍ أَنَّهَا مِنَ الْمَكِّيِّ وَأُخَرَ أَنَّهَا مِنَ الْمَدَنِيِّ، وَاخْتَلَفُوا فِي أُخَرَ، وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ ضَبْطَ ذَلِكَ بِضَوَابِطَ فِي تَقْيِيدِهَا عُسْرٌ وَنَظَرٌ، وَلَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُّ سُورَةٍ فِي أَوَّلِهَا شَيْءٌ مِنَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فَهِيَ مَكِّيَّةٌ إِلَّا الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، كَمَا أَنَّ كُلَّ سُورَةٍ فِيهَا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فهي مدنية وما فيها: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ مَكِّيٌّ. وَقَدْ يَكُونُ مَدَنِيًّا كما في البقرة ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ (٣) [البقرة: ٢٠]، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٦٨] .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا مَنْ سَمِعَ الْأَعْمَشَ يُحَدِّثُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلْقَمَةَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَإِنَّهُ أُنْزِلَ بِالْمَدِينَةِ، وَمَا كَانَ ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ فَإِنَّهُ أُنْزِلَ بِمَكَّةَ (٤) . ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي الملَيْح، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْران، قَالَ: مَا كَانَ فِي القرآن: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ﴾ وَ﴿يَابَنِي آدَمَ﴾ فَإِنَّهُ مَكِّيٌّ، وَمَا كان: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فَإِنَّهُ مَدَنِيٌّ (٥) .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ بَعْضَ السُّوَرِ نَزَلَ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً بِالْمَدِينَةِ وَمَرَّةً بِمَكَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَثْنِي مِنَ الْمَكِّيِّ آيَاتٍ يَدَّعِي أَنَّهَا مِنَ الْمَدَنِيِّ، كَمَا فِي سُورَةِ الْحَجِّ وَغَيْرِهَا.
وَالْحَقُّ فِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ الصَّحِيحُ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن
(١) فضائل القرآن (ص ٢٢٢) ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٢٢٢) من طريق يزيد بن هارون به، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه". (٢) في ط: "فكأنه". (٣) في م: "اتقوا" وهو خطأ. (٤) فضائل القرآن (ص ٢٢٢) . (٥) فضائل القرآن (ص ٢٢٢) .
1 / 18