তাফসির বায়ান সাআদা
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
জনগুলি
تحقيق معنى التقوى ومراتبها
والتقوى والتقى والتقاة مصادر من الوقاية واذا نسبت الى الله او الى سخطه او الى المحرمات او اطلقت فالمراد منها التحفظ عما ينافى او يضر حصول الكمالات او الكمالات الحاصلة الانسانية؛ ولها مراتب عديدة بعضها قبل الاسلام، وبعضها بعد الاسلام وقبل الايمان، وبعضها بعد الايمان بمراتبها الى الفناء التام الذاتى، فأول مراتبها الانزجار عن مساوى النفس ودواعيها المنافية للعاقلة وهى مقام الاستغفار، وثانيها الانصراف عنها وطلب الخلاص منها بالفرار وهى مقام التوبة، وثالثها الرجوع فى الفرار الى خلفاء الله ووسائله بينه وبين خلقه وهى مقام الانابة؛ وهذه الثلاثة مقدمة على الاسلام واليها اشار تعالى بقوله حكاية عن قول بعض أنبيائه مع أممهم:
ويقوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه
[هود: 52]؛ وتقييد التوبة بقوله " اليه " اشارة الى المرتبة الثالثة، واذا اسلم الانسان على يد نبى (ص) او خليفته (ع) وقبل منه احكامه القلبية من أوامره ونواهيه حصل له مرتبة رابعة من التقوى التى هى التحفظ عن مخالفة قوله بامتثال اوامره ونواهيه، والخامسة الانزجار عن الوقوف على ظاهر الاوامر وطلب بواطنها وروحها وطلب من يدله على بواطنها، وهاتان بعد الاسلام وقبل الايمان؛ وهذه التقوى هى تقوى العوام وتنقسم بوجه الى تقوى العوام من الحرام، وتقوى الخواص من الشبهات، وتقوى الاخص من المباح، واذا وجد الطالب من يدله على روح الاعمال وتاب على يده توبة خاصة وآمن بالبيعة الخاصة الولاية واستبصر بباطنه وبرذائله وخصائله حصل له مرتبة أخرى من التقوى وهى التحفظ من الرذائل باستكمال الخصائل، واذا تطهر قلبه من الرذائل وتحلى بالخصائل تمثل امامه ودخل بيت قلبه وحينئذ يشاهد فى وجوده فاعلا الهيا وفاعلا شيطانيا فيظن ان فى الوجود الاهين فيقع فى ورطة الاشراك والثنوية ويرى وجودا لنفسه ووجودا لشيخه داخلا فى مملكته فيظن انه حال فى وجوده فيقع فى ورطة الحلول، او يرى وجودا واحدا هو ذاته وامامه فيقع فى ورطة الاتحاد، وان ساعده التوفيق واتقى نسبة الافعال الى الشيطان ورأى الفعل مطلقا من الرحمن فى المظهر الالهى او الشيطانى وحصل ووجد معنى لا حول ولا قوة الا بالله والتذ به حصل له مرتبة أخرى من التقوى هى التحفظ من نسبة الافعال الى غير الله والخروج من الاشراك الفعلى الى التوحيد الفعلى، واذا تفطن بان الاوصاف الوجودية كالافعال نسبتها الى الله بالصدور والوجوب والى غيره تعالى بالظهور والقبول؛ وان الكل مظاهر اوصاف الله وحصل ووجد معنى الحمد لله والتذ به حصل له مرتبة أخرى من التقوى هى التحفظ عن رؤية نسبة الاوصاف الى غيره تعالى.
بيان سر ظهور بعض الشطحات من السلاك
وفي هذه المرتبة قد يتجلى الله على المؤمن بصفة الواحدية فلا يرى لشيئ ذاتا ولا صفة مع بقاء انانية ما لنفسه فيقع فى ورطة الوحدة الممنوعة، ويظن ان الوجود واحد والموجود واحد وبعد الافاقة يعتقد ذلك ويتفوه به ويقع فى الاباحة والالحاد لو لم يكن له شيخ او لم يرجع الى شيخه ولا يعد الرسل وشرائعهم حينئذ فى شيئ بل يستهزء بهم وبها، وقد يتجلى بصفة الصمدية عليه فيظهر الانانية منه والاستغناء من كل شيئ حتى من الله وهكذا، ففى هذه المرتبة من التقوى والمرتبة السابقة ورطات مهلكة وعقبات موبقة ان لم يكن المؤمن فى تربية شيخ او لم يرجع اليه واستغنى منه أعاذنا الله وجميع المؤمنين منها وفى هاتين المرتبتين يظهر جميع ما يظهر من السلاك من الشطحات الممنوعة؛ واكثر الغالين نشأ غلوهم من هاتين المرتبتين، واكثر المتشيخة المغرورين من هاتين استدرجوا وهلكوا من حيث ظنوا انهم وصلوا واستغنوا عن الشيخ المكمل والحال انهم فى هذه الاحوال أشد احتياجا منهم الى الشيخ فى غير هذه الاحوال، وبالجملة مهالك مراتب التوحيد الفعلى والوصفى الى الخروج الى التوحيد الذاتى اكثر من ان يحيط بها البيان او يحصيها تحرير الاقلام، واذا تفطن بأن المتحقق بالذات هو الحق الاول تعالى شأنه وان سائر مراتب الوجود اعتبارات محضة وتعينات اعتبارية ناشئة من مراتب سعة تلك الحقيقة وانقلب بصره فلا يرى فى دار الوجود الا الوجود الحق المنزه عن كل تعين واعتبار وحصل ووجد معنى لا اله الا الله بل معنى لا هو الا هو، والتذ به حصل له مرتبة أخرى من التقوى وهى آخر مراتب التقوى فانه لا يبقى للسالك بعد هذه عين ولا اثر حتى يتصور له فعل ووصف وتقوى، فان ادركته العناية الالهية بموهبة البقاء بعد الفناء والصحو بعد المحو وشهود الحق فى الخلق والتشبه بالرحمن باعطاء الله له فضيلة الاحسان لتكميل العباد وتكثير جنوده عوضا لما اقرض الله من الجنود والاعوان فى جهاد الاعداء فى سبيله تم له السلوك وصار نبيا او خليفته، ولما لم يكن مراتب التقوى التى قبل الاسلام من مراتب حقيقة التقوى لان الانسان ما لم يدخل فى دين الاسلام ولم يتعلم ما يضره فى تحصيل كما له من عالم وقته لا يدرى اى شيئ يضره حتى يتقى منه، ولما كان المراتب الباقية منقسمة الى ثلاثة اقسام؛ التقوى التى بعد الاسلام وقبل الايمان، والتى بعد الايمان وقبل التقوى عن نسبة الصفات الى غير الله تعالى، والتقوى عن رؤية صفة وذات غيره تعالى اسقط التقوى التى قبل الاسلام وذكر الاقسام الثلاثة الباقية فى قوله تعالى: { ليس على الذين آمنوا }
تحقيق قوله تعالى { ليس على الذين آمنوا }
ليس على الذين آمنوا
[المائدة: 93] اى اسلموا فان المراد بالايمان هنا الايمان العام الذى هو الاسلام كما سيجيئ تحقيقه وتفصيله، ولم يقل { ليس على الذين اتقوا وآمنوا } للاشارة الى ان التى قبل هذا الايمان ليست من التقوى { وعملوا الصالحات } والمراد بعمل الصالحات العمل بالاحكام الشرعية القالبية جناح فيما طعموا { اذا ما اتقوا } اى اتقوا بالتقوى التى بعد الاسلام وقبل الايمان وآمنوا بالايمان الخاص الذى يحصل بالبيعة الخاصة الولاية ويدخل به بذر الايمان فى القلب وبه يتمسك بالعروة الوثقى التى هى حبل من الناس مضافا الى التمسك بالعروة التكوينية التى هى حبل من الله { وعملوا الصالحات } التى هى اعمالهم القلبية مضافة الى اعمالهم القالبية { ثم اتقوا } بمراتب التقوى التى بعد الايمان وقبل التقوى عن نسبة الصفات الى غير الله { وآمنوا } شهودا اى أيقنوا عين اليقين بان الافعال كلها منه جارية على مظاهره اللطفية والقهرية ولم يقل وعملوا الصالحات لما ذكر من ان هذه التقوى تطهير عن الرذائل وتحفظ عن نسبة الافعال الى غير الله فلا يرون فعلا لانفسهم حتى ينسب الاعمال اليهم لكن بقى بعد نسبة الصفات الى الذوات الامكانية ونفس الذوات الامكانية فى انظارهم { ثم اتقوا } عن نسبة الصفات الى غيره تعالى وعن رؤية الذوات الامكانية فى جنب ذاته حتى عن رؤية ذواتهم وعن رؤية اتقائهم ويعبر عن الاتقاء عن رؤية التقوى بفناء الفناء فلا يبقى حينئذ عنهم فعل ولا صفة ولا ذات فلا يبقى ايمان ولا عمل لهم ولذا لم يأت بهما بعد هذه التقوى وقال { احسنوا } اشارة الى البقاء بعد الفناء فان الباقى بعد الفناء فعله على الاطلاق احسان لا غير، وفى الخبر: المتقون شيعتنا؛ والمراد بالتقوى فى الخبر التقوى عما يخرج من الطريق الانسانى او ينافى السلوك عليه، وغير المؤمن بالايمان الخاص لما لم يكن على الطريق لا يتصور له تقوى بهذا المعنى ولما لم يكن لغير الشيعة بهذا المعنى تقوى صح حصر المتقى فى الشيعة. ونعم ما قيل:
هرجه كيرد علتى علت شود
অজানা পৃষ্ঠা