المراد بذلك المشي على الطريقة، يعني سيروا على طريقتكم ولا يهمنكم أحد.
قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ يعني: احبسوا أنفسكم عليها لا تحيدوا عنها. وهذا من باب التواصي بالباطل، يقول بعضهم لبعض: امشوا واصبروا على آلهتكم واثبتوا على عبادتها. إن هذا المذكور من التوحيد لشيء يراد ﴿وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ﴾ يعني اثبتوا عليها في عبادتها، والدفاع عنها، وعدم قبول كل شيء يبطلها. اصبروا ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ هذا المشار إليه، ما جاء به النبي ﷺ من التوحيد.
﴿لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ أي: يريده مَن جاء به، وهذا يدل على صدق الرسول ﷺ. معناه أن هذا الرجل قال قولًا يريده، فهو جادّ في قوله، والشيء الذي يراد لا بد أن يسعى مريدُه ليحققه، بخلاف الإنسان الذي يقول القول باللسان لا بالقلب، ولهذا تجد الذي يقول القول بلسانه وقلبه، يصمم ويعزم على أن ينفذ ما قال. لكن الذي لا يريد يكون قوله بلسانه سطحيًا، فقولهم: ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ﴾ أي يريده قائله وهو النبي ﵊، وإذا صدر القول عن إرادة فهذا يعني أن صاحبه مصمم عليه، وعلى غلبته، وأن يكون هذا القول هو القول السائد الذي يمشي عليه الناس، بخلاف مَن قال قولًا لا يريده، مثل أن يقول القول مجاملة، أو من أجل إمضاء الوقت أو ما شابه ذلك. فإنه لا يكون عنده العزم الصادق على تنفيذ ما قاله.