لشَرَفِه، أو لكَثْرَتِه إذا قُلْنا: إنَّ العاقِلَ أكْثر.
وقَولُه ﵀: [أوْ أنزَلَتا لخِطابهِما مَنْزِلَتَه] يَعنِي: أن المَسْألةَ فِيها إمَّا تَغلِيبُ، وإِمَّا أنَّ الأرْضَ والسَّماءَ أُنْزِلَتا مَنزِلةَ العاقِلِ لخِطابِهما؛ أي: لِكَونِهما خُوطِبا، ولا يُخاطَبُ غالِبًا إلا العاقِلُ.
مِنَ فوائِدِ الآيَةِ الكرِيمَةِ:
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ السَّماءَ كانَتْ قبْلَ أنْ تُخلَقَ دُخانًا، ثمَّ حَوَّل اللهُ هَذا الدُّخانَ إلَى سَمواتٍ، لِقَوْلِه تَعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ﴾.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثْباتُ علُوِّ اللهِ ﷿ على أحَدِ القَوْلَين في تَفسِيرِ "اسْتَوى"، وهُما قصَدَ أو ارتَفَعَ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ كلَّ شَيْءٍ قابِلٌ لمُخاطَبةِ اللهِ ﷿ أيْ: قابِلٌ أنَّ اللهَ يُخاطِبُه، لأنَّ اللهَ خاطَبَ السَّماءَ والأرْضَ - وهِي جَماد - فقالَ: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾، لكِنَّنا لَو خاطَبْنا الجَمادَ لَعُدَّ ذلِك سَفَها ونَوعًا مِن الجُنونِ؛ أمَّا الرَّبُّ ﷿ فإنَّه يُخاطِبُ ما شاءَ مِن عِبادِه مِن عاقِل وغَيره وجَمادٍ وغَيرِه، لأنَّ كلَّ مَن خاطَبه اللهُ فإنَّه يَفْهمُ خِطابَ اللهِ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ كلَّ شَيْءٍ خاضِعٌ للهِ ﷿ سَواءٌ كَرِهَ أمْ رَضِيَ، لِقَولِه تَعالى: ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: كَمالُ خُضُوعِ الأرْضِ والسَّمواتِ للهِ ﷿ حَيثُ قالَتا: ﴿أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ يصِحُّ أنْ يُعبِّرَ عَن غيْرِ العاقِلِ بما يُعبَّرُ به عَن العاقِلِ،