الآية (١٧)
* * *
* قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [فصلت: ١٧].
* * *
أمَّا التَّقسيمُ الثَّاني فقال: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ بيَّنَّا لهم طَريقَ الهُدى.
﴿ثَمُودُ﴾ بِلا تَنوينٍ و(عادٌ) بتَنوينٍ؛ لأنَّ (ثمودَ) مَمْنوعَةٌ مِن الصَّرفِ و(عاد) ليست مَمْنوعَةً مِنَ الصَّرفِ، والصَّرفُ جرُّ ما لا يَنْصرِفُ بالفَتْحةِ أو عَدمُ التَّنوينِ، قال ابنُ مالكٍ (^١):
الصَّرفُ تَنوينٌ أتى مُبيِّنًا ... مَعْنى به يكونُ اسمٌ أَمْكَنا
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ بَيَّنَّا لهم طَريقَ الهُدَى]، فالهِدايَةُ هنا هِدايَةُ بَيانٍ، يعني بَيَّنَ لهمُ الحَقَّ.
واعلم أنَّ كُلَّ مَن كَفَرَ فإِنَّه كَفَرَ بعدَ أن تَبيَّنَ له الحَقُّ إذا جاءَه الرَّسولُ؛ لأنَّ الرُّسلَ -عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ- يُبَيِّنون الحَقَّ لا يَدَعونَ شيئًا يَحتاجُ إلى بَيانٍ إلَّا بيَّنوه، قال هُنا: ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ أي: بَيَّنَّا لهم طَريقَ الحقِّ، فالهِدايَةُ هُنا هِدايَةُ بَيانٍ وإِرْشادٍ.
يَقولُ المفسِّرُ ﵀: [﴿فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى﴾ اختاروا الكُفْرَ عَلى الهُدَى]؛ أي:
(^١) الألفية (ص: ٥٥).