الأرض ويَخْتَلِفان طولًا وقِصَرًا، هذا لا شك أنه لمصالِحِ العباد.
﴿كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾: ﴿كُلٌّ﴾ من الشَّمْس والقمر.
﴿يَجْرِي﴾ أي: يسيرُ [في فَلَكِه]؛ الفَلَكُ الشَّيْء المُستدير، وهما يدوران باستدارةٍ واضِحَة، لكنَّها تختلفُ باختلاف اللَّيل والنَّهار.
وقوله: ﴿لِأَجَلٍ﴾ بمعنى: إلى أجل؛ أي: لغايةٍ، ﴿مُسَمًّى﴾ معيَّنٍ من قِبَل الله ﷿. وهذا الأجل المُسَمَّى قال المُفَسِّر ﵀: [يَوْم القيامَة]؛ ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ﴾ إلى أن قال: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾ [التكوير: ١٤] ويكون يوم القيامة، كما قال تعالى: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾ [آل عمران: ٣٠].
فهذان يجريانِ إلى يَوْمِ القيامة، فإذا كان يومُ القيامة ذهبت حاجَةُ النَّاس إليهما وذهبا.
وقوله تعالى: ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾: ﴿أَلَا﴾ أداة اسْتِفْتاح وتأتي للتَّنْبيه.
وقوله: ﴿هُوَ﴾ يعود على الله ﷿.
و﴿الْعَزِيزُ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [الغالِبُ على أَمْرِه، المُنْتَقِم من أعدائِهِ] وهذا أحد معاني العِزَّة التي أثبتها الله لنَفْسِه، وسبق أن لها معنًى ثانيًا وثالثًا: عِزَّةُ القَدْر، وعِزَّةُ الامْتِناعِ، بِالإضافة إلى عِزَّة القَهْر، فالله ﷾ متَّصِفٌ بالعزَّة كاملًا؛ قال تعالى: ﴿فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [النساء: ١٣٩] فجميع أنواع العِزَّة ثابتةٌ لله ﷾.
وقوله: ﴿الْغَفَّارُ﴾: الغفَّار صيغَةُ مبالَغَةٍ من الغَفْر، أو نِسْبَة، والغَفْر أو الغُفْران سِتْر الذَّنْب والتَّجاوز عنه، ولا يكفي أنْ نقول: إنَّ المَغْفِرة أو الغُفْران هو التَّجاوز