(قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا) (الكهف: ٧٦)
قوله تعالى: (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي) أي امنعني من صحبتك، وفي قول موسى:
(فَلا تُصَاحِبْنِي) إشارة إلى أنه ﵊ يرى أنه أعلى منه منْزِلة وإلَاّ لقال: "إن سألتك عن شيء بعدها فلا أصاحبك".
(قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا) يعني أنك وصلت إلى حال تعذر فيها، لأنه أنكر عليه مرتين مع أن موسى ﵇ التزم إلَاّ يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرًا.
***
(فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا) (الكهف: ٧٧)
قوله تعالى: (فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ) ولم يعين الله ﷿ القرية فلا حاجة إلى أن نبحث عن هذه القرية، بل نقول: قرية أبهمها الله فنبهمها.
(اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا) أي: طلبا من أهلها طعامًا.
(فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا» ولا شك أن هذا خلاف الكرم، وهو نقص في الإيمان؛ لأن النبي ﷺ قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ" (^١).
(^١) متفق عليه. البخاري: كتاب: الأدب، باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، (٦٠١٨). مسلم: كتاب الإيمان، باب: الحث على إكرام الضيف ولزوم الصمتإلا عن الخير، وكون ذلك كله من الإيمان، (٤٧)، (٧٥).