رب يعبدونه، وهذا لا شك بالغ في السفه، فإذا كنت تعلم وتعتقد بأن الله وحده هو الرب لزمك أن تعتقد بأنه وحده الإله المعبود وأنه لا إله غيره.
١٢ - أن الصراط المستقيم عبادة الله؛ لقوله: ﴿هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾، ولا شك أن أهدى السبل وأقومها عبادة الله، وعبادة الله كما نعلم هي اتباع شرعه المرسل ﷾.
* * *
• ثم قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٥٢، ٥٣].
وفي قراءة (من أنصارِيَ إلى الله) لأن ياء المتكلم يجوز فيها ثلاث لغات: الفتح بناءً، والسكون بناءً، والحذف تخفيفًا. فتقول: هذا غُلامي، هذا غلامِيَ، هذا غلام، لكن تبين أنه مضاف، يقول هنا: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ﴾، أحس بمعنى أدرك بحاسته وتيقن أنهم كفروا، مع هذه الآيات العظيمة التي يشاهدونها ولم يؤمنوا -والعياذ بالله- لأن الله إذا ختم على القلب لا يؤمن صاحبه أبدًا: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: ٧]، ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٨]، وقال ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (٩٦) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ﴾ [يونس: ٩٦، ٩٧]، فهم مع هذه الآيات لم يؤمنوا، فلما أحس منهم الكفر وأدركه وتبين له، لجأ إلى الاختيار وانتخاب الأكْفاء، فقال: ﴿مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾، يعني إذا