[الإسراء: 31]. أي أن مجيء الأولاد لن يزيدكم فقرا. لأن لكم رزقكم ولهم رزقهم. وليس معنى أن لهم رزقهم أن ذلك سينقص من رزقكم. فللأب رزق وللولد رزق. أما في الآية الثانية:
ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق
[الإسراء: 31] فكأن الفقر غير موجود. ولكنه يخشى إن رزق بأولاد يأتيه الفقر. يقول له الحق:
نحن نرزقهم وإياكم
[الإسراء: 31]. أي أن رزقهم سيأتيهم قبل رزقكم. فعندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى: { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا } مكررة في الآيتين لا تظن أن هذا تكرار. لأن إحداهما ختامها: { ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل }. والثانية: { ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة }. فالضمير مختلف في الحالتين. مرة يرجع إلى النفس الجازية فقدم الشفاعة وأخر العدل. ولكن في النفس المجزي عنها يتقدم العدل وبعد ذلك الشفاعة. الحق سبحانه وتعالى يقول:
يأيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا..
[لقمان: 33]. أي أن الإنسان لا يمكن أن يجزى عن إنسان مهما بلغت قرابته.. لا يجزي الولد عن أمه أو أبيه. أو يجزي الوالد عن أولاده. واقرأ قوله تبارك وتعالى:
يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصحبته وبنيه * لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه
[عبس: 34-37]. وقول الحق سبحانه وتعالى: { ولا يقبل منها عدل }: { ولا يؤخذ منها عدل }. العدل هو المقابل. كأن يقول المسرف على نفسه يا رب فعلت كذا وأسرفت على نفسي فأعدني إلى الدنيا أعمل صالحا. وكلمة العدل مرة تأتي بكسر العين وهي مقابل الشيء من جنسه. أي أن يعدل القماش قماش مثله ويعدل الذهب ذهب مثله. وعدل بفتح العين مقابل الشيء ولكن من غير جنسه. والعدل معناه الحق والعدل لا يكون إلا بين خصمين. ومعناه الإنصاف ومعناه الحق. والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير. وإنك لا تتحيز لجهة على حساب جهة أخرى. ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يجلس مع أصحابه يوزع نظره إلى كل الجالسين حتى لا يقال إنه مهتم بواحد منهم عن الآخر. ولابد أن نعرف ما هي النفس.
كلمة النفس إذا وردت في القرآن الكريم. فافهم أن لها علاقة بالروح. حينما تتصل الروح بالمادة وتعطيها الحياة توجد النفس. المادة وحدها قبل أن تتصل بها الروح تكون مقهورة ومنقادة مسبحة لله. فلا تقل الحياة الروحية والحياة المادية، لأن الروح مسبحة والمادة مسبحة. ولكن عندما تلتقي الروح بالمادة وتبدأ الحياة وتتحرك الشهوات يبدأ الخلل. والموت يترتب عليه خروج الروح من الجسد. الروح تذهب إلى عالمها التسخيري، والمادة تذهب إلى عالمها التسخيري. وذلك يجعلنا نفهم قول الحق سبحانه وتعالى:
অজানা পৃষ্ঠা