ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة
ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة
জনগুলি
القول، ومن ذلك قوله: "وأغرَبَ أبو البقاء فجعل الواو في ﴿وَلِيَعْلَمَ﴾ [آل عمران: ١٤٠] مزيدة" (^١).
رابعًا: الاستدلال لأحد الأقوال وتوجيهه دون غيره:
إن حشد الأدلة لقولٍ واحد في المسألة وإهمال الاستدلال لبقية الأقوال دليلٌ على ترجيح ذلك القول والاعتماد عليه، ومن عادة السمين الحلبي أن يبحث عن الأوجه والأدلة لجميع الأقوال في المسألة ويذكرها، حتى الأقوال التي يضعِّفها (^٢)، فإذا اقتصر على قولٍ واحدٍ في الاستدلال والتوجيه دلَّ على أن المعتمد عنده هو هذا القول الذي يستدل له ويوجهه، مثاله ما ذكره عند قوله تعالى: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٧٨]؛ قال ﵀: "وقد اختلف المفسرون في ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ هنا؛ هل المراد بهم كل كافرٍ أم طائفةٌ مخصوصة؟ فذهب بعضهم إلى العموم، وهو ظاهر الآية؛ قال ابن عطية: «معنى هذه الآية: الردُّ على الكفار في قولهم: إن كوننا ظاهرين مُمَوَّلين أصِحَّةً دليلٌ على رضى الله بحالنا، واستقامةِ طريقتنا عنده، فأخبر الله أن ذلك التأخير والإمهال إنما هو إملاءٌ واستدراجٌ ليكتسبوا الآثام، وقال عبد الله بن مسعود: ما من نفس برَّةٍ ولا فاجرة إلا والموت خيرٌ لها، أما البَرَّة فلِتُسرِع إلى رحمة الله، وقرأ ﴿وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِّلْأَبْرَارِ﴾ [آل عمران: ١٩٨]، وأما الفاجرة فلئلا تزداد إثمًا، وقرأ هذه الآية (^٣)» (^٤) انتهى.
وذهب ابن عباس وآخرون إلى أنها خاصةٌ باليهود والنصارى والمنافقين؛ قال: نزلت في هؤلاء، وجعلها مقاتل في مشركي مكة، وقال عطاء: هي في قريظة والنضير.
وقال الزجاج: هؤلاء قوم أعلَم الله نبيه أنهم لا يؤمنون، وليست في كل كافر" (^٥).
فيظهر هنا أنه أطال النقلَ في بيان معنى القول الأول وتوجيهه، ثم تعرَّض للأقوال الأخرى، ولم يذكر وجهها ولم يستدل لها، فدل على ترجيحه للقول الأول.
(^١) القول الوجيز، (آل عمران: ١٠٦ – ١٥٦)، تحقيق: يعقوب مصطفى سي (ص: ٣٣٥) (^٢) وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله فيما تميَّز به السمين الحلبي في الترجيح والتضعيف ومناقشة الأقوال. (^٣) رواه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ٤٢٨)، والطبري في تفسيره (٦/ ٢٦٢)، وابن المنذر في تفسيره (٢/ ٥٠٩). (^٤) المحرر الوجيز لابن عطية (١/ ٥٤٦). (^٥) القول الوجيز، (آل عمران: ١٥٧ إلخ)، تحقيق: وائل بن محمد بن علي جابر (ص: ٢٩٣ - ٢٩٤).
1 / 43