تفسير القرآن الكريم - أسامة سليمان
تفسير القرآن الكريم - أسامة سليمان
জনগুলি
رضا المرأة
الثاني: الرضا بعد إذن الولي فلا بد من رضا المرأة، ويفهم البعض خطأً أن الثيب لها أن تزوج نفسها، وهذا خطأ فادح، ففي البخاري: أن امرأة ثيبًا أجبرها الولي على الزواج برجل، فذهبت إلى رسول الله تشكو الولي فخيّرها بين أن يمضي العقد وبين أن يفسخ العقد، فلا بد من رضا المرأة سواءً كانت بكرًا أم ثيبًا، يقول النبي ﵊: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر)، قالت عائشة: يا رسول الله إذًا تستحي، قال: (إذنها صمتها)، والفرق بين البكر والثيب أن البكر لا تنطق لا تتكلم: هل تريدين هذا الزوج؟ فتصمت؛ لأن عندها حياء في زمن كان فيه حياءً، أما الثيب فتصرّح؛ لأنها تزوجت قبل ذلك، ولذلك لما تزوج جابر ﵁ امرأةً ثيبًا ماذا قال له النبي ﷺ: (ألا بكرًا تداعبها وتداعبك، وتلاعبها وتلاعبك، قال: يا رسول الله مات أبي عبد الله بن عمرو بن حرام).
وهو الذي بعد أن مات في غزوة أحد كلمه ربه كفاحًا وقال له: تمن؟ قال: يا رب أتمنى أن أعود إلى الدنيا لأموت ثانية في سبيلك حتى أخبر إخواني بما للشهيد عند الله، فقال الله: لكني قدّرت على العباد أن من مات لا يعود إلى الدنيا، فأنزل الله: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران:١٦٩]، قال جابر: (وترك لي تسعًا من النسوة، فأردت أن آتيهن بثيب؛ لتقوم على أمورهن وتتعاهد مصالحهن)، عند ذلك أقره النبي ﷺ على ما فعل.
ولما انفرد عثمان بـ ابن مسعود قال له: يا أبا عبد الرحمن هل لك في امرأة بكر تذكرك بصباك؟ -يعني: هل نزوجك بكرًا تعيدك إلى صباك مرة ثانية؟ - قال ابن مسعود: لقد سمعت النبي يقول: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
إذًا: الشرط الثاني: رضا المرأة، فلا بد أن ترضى وأن توافق، فلا يجوز لولي الأمر أن يكرهها على أن تتزوج ممن لا ترضى؛ لذلك شرع الإسلام الخطبة، والخطبة من محاسن شريعتنا، لا يعرف الرجل المرأة في أول ليلة يدخل بها فتكشف عن وجهها فإذا به يرى امرأة ما وقعت في نفسه فينفر منها، أو العكس، (ذهب رجل من الأنصار إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله إني تزوجت امرأة من الأنصار، قال ﷺ: هل نظرت إليها؟ قال: لا، قال: عد فانظر إلى وجهها؛ فإن في أعين الأنصار شيئًا)، قال العلماء: أي: ضيق في العين أو حول أو صفاء.
لا بد للخاطب أن ينظر إلى من يريدها لنفسه، ولذلك كان محمد بن مسلمة وكثير من الصحابة وجابر كانوا إذا رغب أحدهم في الزواج من امرأة يختفي أحدهم حتى ينظر للمرأة، ليس معنى ينظر إلى سوءاتها، وإنما ينظر إلى مشيتها وإلى طريقة خروجها وإلى ما يمكن له أن يرى في حدود الشرع، فلا يجوز للخاطب أن يرى أكثر من الوجه والكفين فقط؛ لأن الوجه علامة على نضارة المرأة، واليد تشير إلى حسن جسدها، فإن وقعت في نفسه خطبها.
كذلك قال النبي ﷺ: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه).
والمرأة لا تخبب على زوجها؛ لقول النبي ﷺ: (ليس منا من خبب امرأة على زوجها)، كما يفعل البعض الآن، فيقول للمرأة: اطلبي الطلاق منه وأنا أسعدك أيما سعادة، رجل يدخل في حياة امرأة فيخببها على زوجها، والعكس كذلك، فلا يجوز لامرأة أن تفسد الزوج على زوجته، هذه معايير ومبادئ ثابتة في إسلامنا، فأين نحن منها يا عباد الله؟
7 / 7