منصف للآخر، بل إن الإمام الطبراني فضلا عن وضوح آرائه في الاتجاه الحنفي، فإنه من الناحية التاريخية لم يكن حنبليا أيضا كما تشير الدراسات إلى ذلك وكما يأتي:
١.أن الإمام الطبراني قضى أكثر من نصف حياته المباركة في أصفهان بلد العلم والعرفان. ومدينة أصفهان (كانت من القرون الأولى الإسلامية مهاجرة العلماء لطلب الحديث، ومحط رحالهم، حتى كانت تضاهي بغداد في العلو والكثرة كما قال السخاوي) (^١).ويقول السيد مصلح الدين مهدوي: (إن أصبهان كانت من القرون الأولى الإسلامية مركز العلم والعرفان، ونبغ فيها جماعة من العلماء والعرفاء والحكماء والشعراء والمحدّثين والخطباء والوعاظ، وكانوا يرحلون لأخذ العلم وطلب الحديث من بلد الى بلد، ويحضرون مجلس العلماء والمحدّثين) (^٢).
وعلى هذا، فإن ذاك الزمان لم يكن الأمر فيه تقصد النسبة للمذهب، والظاهر آنذاك السعي لطلب العلم من غير تحيز.
٢.أن مذهب أهل أصفهان بين الشافعية والحنفية، فبعد فتحها سنة (٢١) للهجرة وانتشار الإسلام في أهلها، استقام أمرهم على السّنة، وقوي واشتد على ذلك الى أن لجأ إليها الخوارج في عهد بني أمية؛ (ولكن عتاب بن ورقاء واليها من قبل مصعب بن الزبير أخرجهم منها، فلجأوا إلى الأهواز وعادت القوة فيها لأهل السّنة، ويغلب عليهم المذهب الشافعي والحنفي، ويتولى زعامة الشافعية فيها أسرة الخجنديين، وزعامة الأحناف أسرة الصاعديين، واستمر الأمر على هذا، سوى ما كان من ظهور الشيعة والزيدية بين الفينة والفينة) (^٣).وعلى هذا فإن الرأي العام في أصفهان مستقر بتفاهم الشافعية والأحناف ما لم يكدر عليهم أحد كما حصل