82
قال الله : { الذين ءامنوا ولم يلبسوا } [ أي ولم يخلطوا ] { إيمانهم بظلم } أي : بشرك { أولئك لهم الأمن وهم مهتدون } .
قوله : { وتلك حجتنا ءاتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم } .
وقال الحسن : { ملكوت السماوات والأرض } أي : ملك السماوات والأرض . { فلما جن عليه اليل } أي : أتاه الليل { رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين } أي لا أحب الذاهبين . وأهمه النظر في ذلك فراعى الكوكب حتى ذهب وغاب ، قال : وطلع القمر ، وكان ذلك في آخر الشهر . { فلما رأى القمر بازغا } ، أي طالعا { قال هذا ربي } . فراعاه حتى غاب ، { فلما أفل } أي : ذهب { قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين } . قال : فأراد تقربا من معرفة الله؛ { فلما رأى الشمس بازغة } ، أي طالعة { قال هذا ربي هذا أكبر } أي من القمر والكوكب . قال فراعاها حتى غابت . { فلما أفلت } ، أي ذهبت { قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض } ، أي للذي خلق السماوات والأرض { حنيفا } ، والحنيف المخلص { وما أنا من المشركين . وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان } أي : إلى الإسلام { ولا أخاف ما تشركون به } يعني أصنامهم التي كانوا يعبدون { إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون . وكيف أخاف ما أشركتم } . قال الحسن : وكيف أخاف ما أشركتم من هذه الأوثان المخلوقة { ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا } أي حجة ، أي بعبادة الأوثان ، ولم يأمر بعبادتها ، ولم يأمر إلا بعبادة نفسه ، وأنتم لا تخافون الذي يملك موتكم وحياتكم . { فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون } أي : من عبد الله أو من عبد الأوثان . وقال مجاهد : هي حجة إبراهيم . وقول الله : { الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } أي بشرك { أولئك لهم الأمن } يوم القيامة { وهم مهتدون } أي : في الدنيا . على طريق الجنة .
ذكر الحسن أن عمر بن الخطاب قال لأبي بن كعب : يا أبا المنذر ، آية في كتاب الله أحزنتني . قال : وأي آية يا أمير المؤمنين؟ قال : قول الله : { الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } قال : أينا لم يظلم؟ قال : يا أمير المؤمنين إنها ليست حيث تذهب ، ألم تسمع إلى قول العبد الصالح حيث يقول لابنه : { يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] ، إنما هو الشرك .
ذكروا أن أبا بكر الصديق قال : { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } أي بشرك .
وقال بعضهم : الآية محتملة لظلم الشرك وظلم النفاق ، جامعة لهما جميعا ، وهو ظلم فوق ظلم ، وظلم دون ظلم . وهذا حقيقة التأويل .
قوله : { نرفع درجات من نشاء } قال الحسن : بالنبوة .
পৃষ্ঠা ৩৬৮