قوله : { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك } أي لن نصدقك . { حتى نرى الله جهرة } أي عيانا { فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون } . يعني أنهم أميتوا عقوبة ثم بعثوا ليستكملوا بقية آجالهم .
وقال الكلبي : بلغني أنهم هم السبعون الذين اختار موسى من قومه فذهبوا معه إلى حيث كلمه ربه ، فقالوا : يا موسى ، لنا عليك حق؛ كنا أصحابك ، لم نختلف ولم نصنع الذي صنع قومنا ، فأرنا الله جهرة كما رأيته أنت . فقال لهم موسى : ما رأيته ، ولا كانت مسألتي إياه أن أنظر إليه بالمجاهرة كما سألتم . وتجلى للجبل فصار دكا ، وخررت صعقا . فلما أفقت سألت الله واعترفت بالخطيئة . فقالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم . فظن موسى أنما احترقوا بخطيئة أصحاب العجل فقال موسى لربه : { رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي . أتهلكنا بما فعل السفهاء منا إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء } [ الأعراف : 1
55
] . فبعثهم الله من بعد موتهم لعلهم يشكرون . أي : لكي يشكروا الله . فلما قدم نبي الله المدينة ، فكلمته اليهود ، ودعاهم إلى الله وإلى كتابه ، فكذبوه وجحدوه ، أنزل الله { أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون } [ البقرة : 75 ] . قال الحسن : هو ما حرفوا من كلام الله .
قوله : { وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى } . ذكروا أن مجاهدا قال : الغمام غير السحاب .
قال الكلبي : لما سلكوا مع موسى أرض التيه والمفاز ظلل الله عليهم الغمام بالنهار ، يقيهم حر الشمس ، وجعل لهم بالليل عمودا من النار يضيء لهم مكان القمر ، وأنزل عليهم المن والسلوى .
قال بعضهم : المن صمغة تسقط عليهم من السماء . وكان ينزل عليهم المن في محلتهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . وكان أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل؛ فيأخذ أحدهم ما يكفيه يومه ، وإن تعدى ذلك فسد ولم يبق عنده . حتى إذا كان يوم سادسهم ، يعني يوم الجمعة ، أخذوا ما يكفيهم ذلك اليوم ويوم سابعهم ، يعني السبت ، فيبقى عندهم ، لأن يوم السبت إنما كانوا يعبدون الله فيه ، لا يشخصون لشيء من الدنيا ولا يطلبونه . قال : والسلوى السمانى ، طير إلى الحمرة كانت تحشرها عليهم الجنوب ، فيذبح الرجل ما يكفيه يومه ، فإن تعدى ذلك فسد ولم يبق عنده ، إلا يوم الجمعة فإنهم كانوا يذبحون ليومهم والسبت .
قوله : { كلوا من طيبات ما رزقناكم } يعني بالطيبات المن والسلوى { وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } أي بمعصيتهم . وقال بعضهم يضرون أنفسهم . وقال بعضهم ينقصون أنفسهم ، وذلك تعديهم في المن والسلوى .
পৃষ্ঠা ২৬