158
{ ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون } .
قوله : { فبما رحمة من الله لنت لهم } . قال رجل من المسلمين من أصحاب النبي عليه السلام . لقد أحسن الله إلينا الإحسان كله؛ كنا قوما مشركين ، فلو جاءنا رسول الله A بهذا الدين جملة واحدة فيه قتال الآباء والأبناء ، وتحريم الحرام والربا ، والأحكام والحدود ، لما دخلنا في الإسلام؛ ولكنه دعانا إلى كلمة ، فلما دخلنا فيها ، وعرفنا حلاوة الإسلام والإيمان ، قبلنا ما جاء به من عند الله .
قوله : { فبما رحمة من الله لنت لهم } أي : فبرحمة [ وما صلة زائدة ] قال : فبرحمة من الله وتوفيقه دخل المسلمون في الإسلام لما جعل عليه رسول الله A من اللين والرحمة للمؤمنين . قال : { لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم } ، - أي : ما ضاق بكم ، - { حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم } [ التوبة : 128 ] . وهي آخر آية نزلت من القرآن فيما قال أبي بن كعب .
قوله : { ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم } أمره أن يعفو عنهم مما لم يلزمهم من حكم أو حد . { واستغفر لهم وشاورهم في الأمر } .
قال الحسن : ما كان في الأرض أحسن رأيا من رسول الله A ، وما كان له حاجة إلى أصحابه في مشورة ، ولكن الله أراد بذلك أن يطمئن المسلمون إلى رسول الله بمشاورته إياهم . وكانت المشورة فيما لم ينزل من الله فيه حكم ولا أمر ولا نهي في الحرب ، أو أشباه ذلك .
وذكر بعضهم قال : أمره الله أن يشاور أصحابه في الأمر وهو يأتيه الوحي من السماء ، لأنه أطيب لأنفس القوم . وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا ، فأرادوا بذلك وجه الله ، عزم الله لهم على الرشاد .
وبعضهم قال : ما اجتمع قوم يتشاورون في أمر ، فعلم الله أنهم يريدون الخير ، إلا وفقوا لأرشد أمرهم .
وذكر بعضهم أن سعدا لم يحكم في قريظة ، ولكن رسول الله A أرسل إليه فجاء على حمار ، فقال له رسول الله : أشر علي فيهم ، فقال : قد عرفت أن الله أمرك فيهم بأمر أنت صانع ما أمرك به . فقال : أشر علي فيهم . فقال : لو وليت أمرهم لقتلت مقاتلهم ، وسبيت ذريتهم . فقال رسول الله A : « والذي نفسي بيده لقد أشرت بالذي أمرني الله به » .
قال : { فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين } قال بعضهم أمره الله إذا عزم على أمر أن يمضي فيه [ ويستقيم على أمر الله ] ويتوكل على الله .
পৃষ্ঠা ১৯৪