73
{ فقلنا اضربوه } أى القتيل فى بدنه قبل أن يدفن ، وقيل على قبره { ببعضها } أى بعض كان ، فاتفق أنهم ضربوه بلسانها أو بذنبها ، أو بقابها ، أو بفخذها اليمنى ، أو بالأذن ، أو بعجب الذنب ، أو ببضعة بين الكتفين ، أو بعظم ، أو بالغضروف فحيى ولو ضربوه بغير ذلك منها لحيى كذلك ، ولما حيى وأوداجه تشخب دما قال : قتلنى فلان وفلان ، لابن عمه ، أو ابن أخيه ، أو فلان ابن أخى ، ومات ، وحرما الميراث ، وقتلا . قال A : « ما ورث قتيل قتيله من عهد أصحاب البقرة » ، وخص البقرة لأنهم كانوا يعبدونها ، فيذبحون ما حبب إليهم ، فيذبحون النفوس الأمارة بالسوء ، ولأنهم عبدوا العجل ، وأشربوا فى قلوبهم العجل ، وخص الضرب بالبيت لئلا يتوهم أن الحياة انتقلت إليه من الحى { كذلك } كما أحيا الله هذا القتيل { يحيى الله الموتى } كلهم يوم القيامة بلا ضرب ، وبنو إسرائيل لا ينكرون البعث ولكن وعظهم بالبعث ليستعدوا ويذكر منكرو البعث من العرب ، والكف لمن يصلح للخطاب ، فيدخلون بالأولى أو لكل واحد فوافق قوله { ويريكم } عطف على يحيى { ءايته } دلائل قدرته ، أو ما اشتمل عليه هذا الإحياء ، من الآيات ، أو كلام الميت ، أو كل ما مر من المسخ ، ورفع الجبل ، وانبجاس الماء ، والإحياء ، والخطاب لبنى إسرائيل مع غيرهم كالعرب ، أو لهم فقط ، وكذا فى قوله { لعلكم تعقلون } تستعملون فكركم فتدركون أن الله قادر على إحياء غيره كما قدر على إحيائه ، وكما أنشأهم . ويجوز أن يكون الخطاب فى كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون للعرب المنكرين للبعث ، اعترض به فى قصة بنى إسرائيل ، ويختص ببنى إسرائيل الخطاب فى قوله :
{ ثم قست } انتفت عن الاتعاظ بالمعجزات واللين لها ، وأشبهت فى ذلك الجسم الصلب الذى لا يتأثر بالانغماز ، ففيه استعارة تبعية ، أو فى الكلام استعارة تمثيلية { قلوبكم } فى الحال وما قبلها قسوة بعيدة عن شأن من شاهد من المعجزات ما شاهدتم بعدا شبيها فى الامتداد بتراخى الزمان ، أو بعد مرة من الزمان زادت قسوة ، ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ، وقد زادوا سوءا بعد نزول الآيات ، وأكد البعد بقوله { من بعدش ذلك } بعد ما ذكر من الآيات كإحياء القتيل { فهى كالحجارة } فى عدم الانفعال ، كما لا يطاوعك الانغماز والتثنى . لا تتأثر قلوبهم فى الوعظ بما شاهدوا من الآيات { أو أشد قسوة } من الحجارة ، أى بل أشد قسوة ، كقوله { إن هم إلا كالانعام بل هم أضل سبيلا } أو يشك الناظر . أهى كالحجارة أم أشد ، أو يخير بين أن تشبه بها وأن يقال أشد على جواز التخيير بأر فى غير الأمر والنهى ، أو نوعهم إلى قلوب كالحجارة ، وقلوب أشد ، والحديد ، ولو كان أقوى من الحجر ، لكن قد يلين بالنار ، وقد قوع لينه لداود عليه السلام خارجا بلا نار ، وأيضا الحديد لا يخرج منه الماء فلا يناسب ذكر خروج الماء من الحجر وهبوطه من الخشية بعد ، ولا سيما أن الحديد إنما يلين بانضمام النار ، لا بمجرده ولينه لداود ومعجزة لامساس لها هنا ، ولم يقل ، أو أقسى لأنه يدل على حصول الشدة لا على زيادتها وأشد قسوة يدل على زيادتها ، فهو أبلغ { وإن من الحجارة لما يتفجر } ينبع نبعا واسعا { منه الأنهر } المياه ، سماها أنهارا تسمية للحال باسم المحل ، والكلام تعليل جملى الأشد قسوة ، وزعم بعض وتبعهم الشيخ عمرو التلاتى ، أن الواو تكون للتعليل ، ولا يصح ، ولو صح لحملنا عليه الآية ، أى لأن من الحجارة ما يتفجر منه الأنهار ، وهو مطلق الحجارة ، وزعم بعض أنه أراد حجر موسى الذى انفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، والأول أصح للإطلاق ، ولأن حجر موسى خارق للعادة معجزة { وإن منها لما يشقق } بعد أن كان منشقا ، أصله يتشقق ، أبدلت التاء شينا وأدغمت { فيخرج منه الماء } قليلا دون الانفجار { وإن منها لما يهبط } يسقط من الجبل على الاستقلال { من خشية الله } لا بحيوان أو مطر أو صاعقة أو رعد أو نحو ذلك ، خلق الله فيه التمييز والعقل ، فيخشع فيسقط .
পৃষ্ঠা ৮৮