29
{ هو الذى خلق لكم } أى أجلكم ، أو ملك لكم { ما فى الأرض جميعا } حتى العقارب والحيات والسباع ، فإنكم تنتفعون بها اعتبارا ، أو انزجارا عن عقاب الله ، كما تنتفعون بالثمار ، والمعادن ، والماء ، والحيوان ، وما فى السم نفع لقتل المؤذيات ولا ينتفع بسم الميتة ولا يباع ولا يشترى ، بل سم غيرها ، وسم المعدن ، أو أراد بالأرض ما في جهته السفل ، فيشمل الأرض نفعها ، وما فيها ، استدل المعتزلة والفخر بالآية على أن الأشياء قبل ورود الشرع على الحل إن كانت نافعة ، وعليه كثير من الشافعية والحنفية ، ولا تحتمل الآية أن اللام للضرر ، مثل { وإن أسأتم فلها } ولا دليل على أن المراد بالآية الإباحة ، على شرط نزول الوحى بها ، وقيل ، إنها قبل الشرع على الحظر ، وقيل بالوقف ، والأول أولى { ثم استوى } بعض خلق الأرض ، المدلول عليه بخلق ما فى الأرض ، واستواؤه هنا توجه إرادته ، واختار الجهل عن العلم من وكل أمره إلى الله ، وقد وجد له تأويلا ، وهلك من قال ، إنه على ظاهره ، لكن بلا كيف ، ويتم هنا تفسير استوى بملك ، لقوله إلى وقوله ثم إلا بتكلف أن إلى بمعنى على ، وقد ملكها قبل ، ولا باستولى لتكلف توجيه الغلبة على الجماد ، وثم لتراخى الوقت ، وإن قلنا للرتبة فلا نقض بها ، والصحيح أن السماء أفضل من الأرض ، من حيث إنها محل الطاعة التى لا معصية معها ، والأرض أفضل من حيث إنها للأنبياء ، والرسل والمؤمن أفضل من الملائكة ، والأرض أسبق خلقا على الصحيح { إلى السماء } أى إلى إيجادها كما أوجد الأرض ، وخلق ما فى الأرض متأخر عن خلق السماء تشخيصا ، لكنه متقدم ضمنا ، فخلق ما يخلق منه الحيوانات مثلا خلق لها ، فإن الله D خلق الأرض بلا بسط فى يومين ، وخلق السموات وبسطها فى يومين ، وبسط الأرض وخلق ما فيا فى يومين { فسواهن } أى صير السماء ، وأتى بضمير الجماعة لإرادة الجنس ، ولتعدد ما بعده فى قوله { سبع سموت } كقوله تعالى { وإن كن نساء } فمقتضى الظاهر ، وإن كانت ، أى الأولاد ، ولكن قال : كن ، لقوله : نساء ، وقدم هنا وفى السجدة ما أخر فى النازعات ، لأن المقام فيهما للامتنان على المخاطبين ، وفى النازعات للقدرة ، ومعنى تسويتهن سبعا خلقهن من أول مستويات ، كقولك ، وسع الدار ، أى بانها واسعة ، وسبع بدل من الهاء ، عائدة إلى السماء ، أو إلى ، بهم مفسر به ، أو مفعول ثان يتضمن معنى صبر ، وهو ضعيف ، أو حال مقدرة { وهو بكل شيء عليم } إجمالا وتفصيلا ، وذواتا وأحوالا ، فمن قدرته وعلمه ذلك كيف يجحد ، أو كيف ينسب إليه العجز عن إعادة الخلق ، مع أنه خلق السموات والأرض ، وخلق الدخان من الماء قبل الأرض ، ولما خلق الأرض استوى إلى السماء وهى دخان ، وسواها سبعا ، ثم بسط الأرض وفتقها سبعا ، وكان بسطها وفتقها فى الأحد ولاثنتين ، وهن بعض فوق بعض كالسموات ، وقيل : بعض يجنب بعض ، يفصل بينهن البحار وتظل السماء عليهن .
পৃষ্ঠা ৩৯