193
{ وقتلوهم } عند المسجد الحرام وغيره ، بدأوكم أو لم يبدأوكم { حتى } إلى أو كى { لا تكون } تثبت { فتنة } ى شرك وصد وقتل منهم ، ولا تقبل جزية ، لأن الكلام فى شرك العرب فى الحرمين ، وما يليهما ، وليسوا أهل كتاب ولا مجوسا { ويكون الدين } كله كما فى الأنفال ولم يذكره هنا لأن الكلام هنا فى أهل مكة والدين العبادة والتوحيد والاعتقادات والأمور التى هى صواب وحق يحكم بها ويؤمر بها وتتخذ دينا { لله } لا يعبد سواه ولا يعتبر شرع غيره من الأديان الباطلة ولا تعتقد الألوهية لغيره { فإن انتهوا } عن الشرك والقتال والصد فانتهوا عن قتالهم ، أو فلا عدوان عليهم كما قال { فلا عدون } أى لأنه لا عدوان { إلا على الظلمين } بالشرك والحرب والصد غير المنتهين عن ذاك . والمنتهى ليس ظالما ، والعدوان البغض والقصد بسوء كالقتل والسبى والغنم ، ولا يقال العدوان الظلم ، والاعتداء معبرا به عن الجزاء عليهما للمشاكلة لأنا نقول غير الظالم لا تسمى الإساءة إليه جزاء أيضا ، وفى قولنا المعنى لا تفعلوا ما هو فى صورة الظلم مجازاة بمثله إلا على الظالمين تكلف ، وعلل قولة واقتلوهم حيث ثقفتموهم تعليلا جميليا بقوله :
{ الشهر الحرام } ذو القعدة من السنة عند عمرة القضاء قال الله لا تكرهوا قتالهم فى الشهر الحرام فإنه مقابل قتالهم وصدهم لكم عام الحديبية ، فإن منعوكم فى عمرة القضاء فقاتلوهم هتكا لحرمتهم كما هتكوها لكم فى الحديبية { بالشهر الحرام } ذى القعدة من السنة السادسة فى الحديبية ، قاتلهم المشركون فيها ببعض سهام وحجارة كما روى عن ابن عباس ، وما فى البخارى من أنه لم يقع قتال فى الحديبية ، معناه لم يقع قتال كبير ، وعن ابن عباس ، رمى المسلمون المشركين فى عمرة الفضاء حتى أدخلوهم ديارهم ، وقيل لم يقع القتال فى ذى القعدة وإنما هو ما يراد عند الثانى { والحرمت } جمع حرمة ما يجب احترامه وحفظه ، وهذا احتجاج لجواز هتك حرمة الشهر بهتكهم إياه فى الحديبية ولله أن يهتك ما شاء { قصاص } أى شأن الحرمات قصاص ، أو الحرمات ذوات قصاص ، كأنه قيل الشهر الحرام من الحرمة والحرمة يجرى فيها القصاص فى الجملة ، نفسا أو عرضا أو مالا ، والشهر الحرام مما أراد الله فيه القصاص بالقتال ، وأما ما يقال الشهر الحرام من الحرمة ، وكل حرمة يجرى فيها القصاص فالشهر الحرام فيه القصاص فلا ، لأنه لا يثبت أن كل حرمة فيها قصاص { فمن اعتدى عليكم } فى عمره القضاء بالمنع عنها أو بالقتال فى الحرام أو الإحرام أو الشهر الحرام { فاعتدوا عليه } جازوه عن اعتدائه ، سمى فعلهم باسم الفعل الأول للشبه ولعلاقة الجوار وباسم الملزوم وباسم السبب ، وكذا فى سائر اعتبار المشاكلة { بمثل ما اعتدى عليكم } بالدخول فى مكة ، ولو كرهوا كما منعوكم منها فى العام الأول ، وقاتلوهم على المنع ، ولو لم يقاتلوا فيه ، بل اقتصروا على المنع ، كا تقاتلوهم إن قاتلا ، ولا تزيدوا بأن تقاتلوهم ولم يقاتلوكم ولم يمنعوكم ، أو بأن تقاتلوا من لم يقاتل ، عمم الشافعى القتل بمثل ما قتل به محتجا بالآية كقتل بمحدد وخنق وحرق وتجويع وتغريق حتى لو أغرقه فى عذب لم يغرق فى ملح { واتقوا الله } احذروا عقابه على المبالغة فى الانتقام وعلى الاعتداء الحقيقى الذى هو فعل ما لا يجوز ، أو اتقوا الله فى الانتصار لأنفسكم بما لا يجوز وترك الاعتذار بما لا يجوز { واعلموا أن الله مع المتقين } بالعون فى أمر الدين والدنيا وبالنصر وإصلاح الشأن والحفظ ، والاتقاء اتقاء المعاصى إجلالا لله ، واتقاؤها خوفا من عقابها واتقاء الله أيضا إجلاله .
পৃষ্ঠা ২২৫