{ إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام } والمساجد كلها مثله فى التطهير عن الأنجاس ، فهى مثله أيضا فى الحرمة ، وأجازه الشافعى فى غير المسجد الحرام بشرط الحاجة فيه ، وأذن مسلم له ، لذكره فى الآية ، وإدخال رسول الله A وفد ثقيف وغيرهم المسجد منسوخ بهذه الآية { إنما المشركون نجس . . . } إلخ . لاستلحاقه سائر المساجد مع علة النجس والحرمة ، ولقوله { ما كان لهم } إلخ ، سواء فسرناه بالأمر بإبعاد المشركين عنها ، أو بقضاء الله ، لأنه أمر يرغب فيه ، فلا إشكال ، وأجازه أبو حنيفة مطلقا { لهم فى الدنيا خزى } بالقتل والسبى فى بعض ، والجزية فى البعض الآخر ، وأصل الخزى ذل يستحيا منه ، ولذلك يستعمل فى كل منها ، والقتل والسبى ذل عظيم يستحى منه فى السبى دون القتل ، إلا إنه يقال ، يستحى منه المفتول قبل أن يقتل ، وأصحابه وقرابته ، قبلت النضير الجزية ، وقتل بعض قريظة وسبى بعض { ولهم فى الآخرة عذاب عظيم } فى النار ، لمنعهم مساجد الله وسعيهم فى خرابها ، وكان A يصلى النافلة على الدابة ، أينما توجهت من مكة إلى المدينة ، وفى غير ذلك حتى الوتر قبل أن يفرض عليه وحولت القبلة إلى الكعبة ، وطعنت اليهود فى ذلك كله ، وقالوا : لا قبلة لهم معلومة ، وصلى على اجتهاده إلى جهة ليلا فى غزوة ومعهم النبى A ، وقيل ، لم يكن معهم لظلمة ، فلما أصبحوا تبين أن بعضا صلى إلى الشمال ، وبعضا إلى الجنوب ، فنزل قوله تعالى :
{ ولله المشرق والمغرب } استلحقا جوانبهما ، فذلك الأرض كلها { فأينما } هو المكان الذى أتم فيه ، أو الذى استقبلتم إليه { تولوا } وجوهكم فى الصلاة ، بأمره لكم بالتولية { فثم وجه } ذات { الله } أو فثم الله بالعلم والحفظ وسعة الرحمة وغير ذلك ، أو فثم جهة الله ، أى الجهة التى أمركم بها ، وليس توليكم باختياركم حتى يصيبوكم بصلاة بعض الجنوب وبعض إلى الشمال فى السفر ، للجهل بالجهة فى غزوة ، وقد قيل ، نزلت الآية فيهم ، وقيل فى الصلاة على الراحلة للضرورة وصلاة النفل عليها مطلقا ، وفى ذلك اختصاص لنا بأن نصلى حيث أدركتنا الصلاة لا كمن قبلنا لا يصلون إلا فى كنائسهم ، وكان عيسى عليه السلام يصلى حيث أدركته الصلاة فصلوا إلى الكعبة ، وقوله فصلوا إلى الكعبة متعلق بقوله ، وليس توليكم باختياركم ، وما بينهما اعتراض ، والنفل على الراحلة ، وصلوا فى الأرض كلها ، فقد جعلت لكم الأرض مسجدا ولا يضركم أن منعوكم عن المسجد الحرام أو الأقصى ، وقبل فتح المقدس منع المسلمون من الصلاة فيه ، وقيل منعهم الإفرنج حين استولوا عليه حتى رده صلاح الدين ، وعليه فالآية إخبار بالغيب { إن الله وسع عليم } يسمع فضله وعلمه كل شىء ومن سعة فضله أن جعل لكم الأرض مسجدا ، فقيل ، ولو سبخة حال الاختيار ، ولا بد من الطهارة ، ون قبلنا لا يصلون ، إلا فى مساجدهم ، فإذا غابوا عنها تركوها وقضوها .
পৃষ্ঠা ১৩৩