তাফসির সাদর আল-মুতাআল্লিহীন
تفسير صدر المتألهين
জনগুলি
اعلم إن الانسان مركب من جسد كالمركب وروح كالراكب، وهو منذ خلقه الله في سفر الآخرة، وغاية سفره لقاء الله، لهذا خلق وعليه فطر وجبل، وهو المقصود من الروح، والمقصود من الجسد اكتساب المنافع واقتناء الخيرات والتخلص عن الشرور والآفات. وهو المعني بالعبادة والخدمة.
فلا جرم كان أفضل أحوال الجسد أن يكون آتيا بالأعمال المقربة للروح إلى الله، تعظيما للمعبود وخدمة له، وهو أول درجات السعادة للإنسان، وهو المراد بقوله تعالى: { إياك نعبد }.
وأفضل أحوال الروح أن يكون مرتبطا بالحق، متعلقا به، منقطعا عن غيره، متجردا عن الدنيا وما فيها، فإذا واظب على تحصيل هذه المرتبة، وداوم على تجريد ذاته وتخليصها عن العلائق المادية والغواشي الدنيوية، فعند ذلك يظهر له شيء من أنوار القدس ولوامع الغيب، فإذا تنورت ذاته بنور المعرفة والعبادة، يعلم أن مبدء شوقه إلى عالم الملكوت، ومحرك ذاته لطلب التقرب إليه تعالى، لم يكن ولا يكون إلا الله مقلب القلوب ومحرك النفوس، وأنه بنفسه لا يستقل بالإتيان بهذه العبادات والتدرج على هذه الدرجات، ولا يمكنه الإتيان بتحصيل شيء من الكمالات العلمية والعملية إلا بتوفيق الله وعنايته وعصمته، وهو المراد من قوله تعالى: واياك نستعين.
وفيه ايضا حجة لأهل التوحيد الأفعالي، قال بعض العرفاء الموحدين: ولولا أن العبد ادعى الاستطاعة في الأفعال والاستقلال بها، لما أنزل الله عليه تكليفا قط، ولا شريعة، ولهذا جعل حظ المؤمن من هذه الدعوى أن يقول: اياك نستعين، وحظ العفراء المكاشفين ممن وقع عنهم التبري من الأفعال الظاهرة وجودها منهم أن يقولوا: لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، فهذا القول لا يصدر على وجه الصدق إلا عن اولئك الكاملين العارفين بها التوحيد الأفعالي، فهو لهم خاصة دون غيرهم، فكم بين الحالين من التبري والدعوى.
فالمدعي مطالب بالبرهان على دعواه، والمتبري غير مطالب بذلك. ولا تقل: إن التبري أيضا دعوى، فإن التبري لا يبقي شيئا، وعلى ذلك ينطلق إسم المتبري - انتهى كلامه.
وبالجملة فالمراد من قوله: اياك نستعين، طلب الهداية لأقرب المناهج وأقوم الطرق إلى الله، كما وقع الافصاح عنه بعد هذه الآية بما يتلوها.
بصيرة اخرى
[الإشارة إلى السفر الثالث من الأسفار الأربعة]
الضميران المستكنان في هذين الفعلين، إما للنبي (صلى الله عليه وآله) وأمته أو للإمام وحاضري صلاة الجماعة معه. أو للقاري ومن معه من الحفظة أو له ولسائر الموحدين. أدرج عبادته في تضاعيف عباداتهم، وخلط حاجته بحاجاتهم، لعلها تقبل ببركاتها وتجاب إليها؛ كادراج البائع غير الرائج في جملة الرائج في بيع الصفقة، ومن ها هنا يعلم سر شريعة الجماعات.
ولتقديم ضمير المعبود والمستعان به وجوه أخرى غير ما ذكر، كالتعظيم، وتقديم ما هو مقدم في الوجود، وللاشارة إلى أن نظر العابد والتفاته ينبغي أن يكون مقصورا على ذات المعبود أولا وبالذات، ثم إلى العبادة، لأنها وسيلة ووصلة بينه وبين الحق، فمن كان غرضه من المعرفة والعبادة نفسه أو نفس شيء منهما، فهو ليس من الموحدين ولا من العابدين، لأنه يعبد غير الله ، وهذه حال المتبجح بزينة ذاته، وإن كان بمعرفة الحق، وأما من عبد الله وغاب عن ذاته وعن عبادته، فهو مستغرق في العبودية لله بما هي عبودية له، وانتساب إليه، نسبة الفقر والحاجة التي هي من أشرف النسب. فإن قصارى مجهود العابدين تصحيح هذه النسبة ومن كانت هذه حالته في العبادة فهو من الواصلين لا محالة. اذ ملاحظة النسبة بما هي نسبة عين ملاحظة المنسوب إليه، فهو بالحقيقة مستغرق في ملاحظة جناب القدس وغائب عن ما سواه، حتى أنه لا يلاحظ نفسه، ولا حالا من أحوال نفسه إلا من حيث إنها ملاحظة له ومفتقرة إليه. ولهذا رجح قول حبيب الله:
অজানা পৃষ্ঠা