{ أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم } أي هلا نظروا إلى السماء فوقهم، أي تفكروا ليعلموا أن لها صانعا يقدر على البعث { كيف بنيناها } مع عظمها { وزيناها } بالكواكب المختلفة { وما لها من فروج } من فتوق، يعني أنها ملساء سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل { والأرض مددناها } دحوناها { وألقينا فيها رواسي } جبالا ثوابت جعلها أوتادا لولاها لاضطربت لحركات الناس عليها عن الحسن { وأنبتنا فيها } في الأرض { من كل زوج } صنف { بهيج } أي حسن المنظر، يعني بهج به لحسنه { تبصرة وذكرى } ليبصر به ويتذكر كل { عبد منيب } راجع إلى ربه متفكر في بدائع خلقه { ونزلنا من السماء ماء } قيل: من السحاب، وقيل: من السماء { مباركا } لعظم النفع به { فأنبتنا به جنات } وهي البساتين أي فيها الأشجار { وحب الحصيد } يعني حب كل شيء يحصد كالبر والشعير وغيرهما { والنخل باسقات لها طلع نضيد } يعني طوال في السماء، وقوله: لها طلع نضيد يعني منضود بعضه على بعض أما أن يريد كثرة الطلع وتراكمه أو كثرة ما فيه من التمر { رزقا للعباد } أي جعلنا ذلك رزقا للعباد { وأحيينا به بلدة ميتا } أي أحياها بالماء المبارك فشبه ما لا نبات فيه بالميت وما فيه نبات بالحي توسعا { كذلك الخروج } يعني كما نبت الأشياء عن عدم كذلك تخرج الموتى عن قبورهم أحياء بعد موتهم { كذبت قبلهم قوم نوح } قد تقدم قصصهم { وأصحاب الرس } قيل: هم قوم قتلوا نبيهم ورسوه فيها ، وقيل: الرس واد بقرب المدينة، وقيل: هم أهل البئر الذي قال الله:
وبئر معطلة وقصر مشيد
[الحج: 45] { وثمود } هم قوم صالح أهلكوا بالصيحة { وعاد } قوم هود أهلكوا بالريح، وفرعون موسى أغرق { وإخوان لوط } قلبت بهم الأرض وأرسلت عليهم الحجارة { وأصحاب الأيكة } الغيضة وقوم شعيب { وقوم تبع } إنما ذكر قومه دونه لأنه آمن، وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لا تلعنوا تبعا فإنه قد كان أسلم "
وروي أنه كان يعبد النار فأسلم ودعا قومه وهم خمسون فكذبوه، وقيل: هم أسعد أبي كرب أقبل من مشرق وأتى المدينة على أن يخربها فجاءه حبران فانتهى عما كان يريد، وروي أنه لما أسلم قال: شهدت على أحمد أنه رسول الله، وروي أنه أول من كسى البيت { كل كذب الرسل فحق وعيد } أي وجب عليهم وعيدي بالعذاب قيل: عذاب الاستئصال، وقيل: عذاب الآخرة { أفعيينا بالخلق الأول } يعني لماذا أنكروا الإعادة، والمعنى أنا لم نعجز كما علموا عن الخلق الأول حتى يعجزوا عن الخلق الثاني، وقيل: الخلق الأول خلق الأشياء، وقيل: بل خلق آدم وكانوا يقرون به وأنه من ولده { بل هم في لبس من خلق جديد } أي أتوا من قلة بكفرهم في الأدلة فبقوا في أمر ملتبس، أي في شك من خلق جديد { ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه } أي تحدث به، يعني لا يخفى علينا سرائره { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد } قيل: حبل الوريد عرق الحلق، وقيل: عرق يتعلق بالقلب، يعني نحن أقرب إليه من قلبه، ومتى قيل: بأي شيء هو أقرب؟ قلنا: بالعلم والقدرة.
[50.17-30]
{ إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } وقد وكلهما الله تعالى علمه بأعمالهم ليكتب أعمالهم تأكيدا للحجة ولطفا للخلق، وقيل: الحفظة أربعة ملكان بالنهار وملكان بالليل، وقيل: عن اليمين ملك يكتب الحسنات وعن الشمال ملك يكتب السيئات، قعيد قاعد { ما يلفظ من قول إلا لديه } أي ما يتكلم بشيء وخص القول لأنه أكثر لتعلق أمر الناس { إلا لديه رقيب عتيد } حاضر معه للزوم ذلك، وقيل: يكتبان كل شيء ثم يطرح والمباحات، وقيل: يكتبان ما فيه جزاء فإذا مات طويت الصحيفة، وقيل: يوم القيامة
اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا
[الإسراء: 14]، وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
" ان مقعد مليكيك على ثنيتيك، ولسانك قلمهما، وريقك مدادهما، وأنت تجري فيما لا يعنيك لا تستحيي من الله ولا منهما "
অজানা পৃষ্ঠা