[21.89-91]
{ وزكريا } أي اذكر زكريا { إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين } لأنه يرث الخلق جميعهم { فاستجبنا له } أي أجبنا دعاءه { ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه } كانت عاقرا { إنهم كانوا يسارعون في الخيرات } أي الطاعات { ويدعوننا رغبا ورهبا } يعني رغبة في ثوابه ورهبة [وخشية] من عقابه، يعني يدعوننا طمعا وخوفا { وكانوا لنا خاشعين } ثم عطف على ما تقدم بقصة عيسى وعقبه بالوعد والوعيد فقال سبحانه: { والتي أحصنت فرجها } يعني مريم منعت وحفظت من أن يمسها ذكر، وقيل: منعت فرجها مما حرم الله عليها { فنفخنا فيها من روحنا } نفخ الروح في الجسد عبارة عن إحياء، ومعناه نفخنا الروح في عيسى فيها، أي أحييناه في جوفها من روحنا وهو جبريل لأنه نفخ في جيب درعها فوصل النفخ إلى جوفها، وقيل: إضافة إلى نفسها على وجه التشريف { وجعلناها } أي مريم { وابنها آية } حجة على كمال قدرتنا { للعالمين } العقلاء.
[21.92-97]
{ إن هذه أمتكم أمة واحدة } ، قيل: دينكم دينا واحدا وهو الإسلام، والأمة الملة، وهذه إشارة إلى ملة الإسلام التي يجب أن يكونوا عليها لا ينحرفون عنها، إشارة إلى ملة واحدة غير مختلفة، وقيل في أنها مخلوقة مملوكة لله، ومتى قيل: من هذه الأمة؟ قيل: أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت مجتمعة فتفرقت، وقيل: من تقع في التوحيد الأنبياء الذي قص الله خبرهم { وأنا ربكم فاعبدون } إلهكم إله واحد فاعبدون دون غيري، وقيل: هذا تفسير لقوله:
وإن هذه أمتكم أمة واحدة
[المؤمنون: 52] أي دينكم التوحيد { وتقطعوا أمرهم بينهم } أي اختلفوا في الدين فصاروا فرقا وأحزابا { كل إلينا راجعون } يعني من اجتمع منه وافترق راجع إلى حكمنا { فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن } الصالحات الطاعات كلها، وقيل: صلة الأرحام ومعونة الضعيف ونصرة المظلوم { فلا كفران لسعيه } أي لا جحدان لإحسانه في عمله بل يثاب عليه { وإنا له كاتبون } ضامنون له جزائه { وحرام على قرية } استعيرالحرام للمتنع وجوده ومنه قوله تعالى:
إن الله حرمهما على الكافرين
[الأعراف: 50] وأصل الحرام المنع، قيل: حرام على قرية { أهلكناها أنهم لا يرجعون } عن كفرهم، وقيل: حرام على قرية امتناها بآجالها رجوعهم إلى الدنيا لأنا قد قضينا أنهم لا يرجعون، وقيل: حرام أن لا يرجعوا بعد الممات بل يرجعون للجزاء، وقيل: حرام قبول توبتهم وإيمانهم لأنهم لا يرجعون إلى الدنيا، وعدهم بالرجوع إلى الآخرة يوم القيامة وبين علامة ذلك فقال سبحانه: { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج } وهو سدهما كما حذف المضاف إلى القرية يعني يفتح عنهم السد بسقوط أو هدم أو كسر، وقيل: فتحت كما قيل: أهلكنا، ويأجوج ومأجوج أمتان وخروجهما من علامات القيامة كخروج الدجال، ونزول عيسى، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من المغرب، وهما قبيلتان من جنس الإنس، يقال: الناس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء و... يخرجون عند أن يفتح السد { وهم من كل حدب ينسلون } وهو كناية عن يأجوج ومأجوج، وقيل: كناية عن الخلق واستدلت بقوله:
فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون
[يس: 51] وقيل: من حدب مرتفع من الأرض، وقيل: من القبور ينسلون يخرجون { واقترب الوعد الحق } يعني الصدق بالله وأنبيائه ووعد القيامة والجزاء فكان كما وعد { فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا } مفتحة ينظرون إلى تلك الأهوال { يا ويلنا } أي يقولون: { قد كنا في غفلة من هذا } أي اشتغلنا بأمر الدنيا وغفلنا عن هذا اليوم { بل كنا ظالمين } بأن عصينا الله تعالى، فاعترفوا على أنفسهم بالذنب والغفلة.
অজানা পৃষ্ঠা