وقيل: أصحاب الرس هي أصحاب الأخدود، وقيل: هو بئر بأنطاكية، قتلوا فيها حبيب النجار.
وقيل: هم أصحاب حنظلة بن صفوان النبي عليه السلام، ابتلاهم الله بطير عظيم كان فيها من كل لون، وسموها عنقاء؛ لطول عنقها، وكانت تسكن جبلهم الذي يقال له: فتخ أو دمخ، وتنقض على صبيانهم فتخطفهم إذا أعوزها الصيد؛ فلذلك سميت مغربا، فدعا عليها حنظلة عليه السلام فأصابتها الصاعقة، ثم إنهم كذبوا حنظلة فقتلوه، فأهلكوا لذلك.
وقيل: قوم قتلوا نبيهم، فرسوه؛ أي: دسوه في بئر.
{ و } بالجملة: دمرنا بواسطة تكذيب رسلنا { قرونا } أخر؛ أي: أهل قرون وأعصار، قيل: القرن أربعون سنة، وقيل: مائة وعشرون سنة { بين ذلك } المذكور من الأمم الهالكة { كثيرا } [الفرقان: 38] لا يعلم عددها إلا الله.
{ و } بالجملة: { كلا } من الأمم الهالكة المذكورة وغير المذكورة { ضربنا له الأمثال } أولا من الذين هلكوا قبلهم بالتكذيب، وبينا لهم الأحكام والشرائع الموضوعة على مقتضى حكمتنا ومصلحتنا، فكذبوهم ظلما وعدوانا فأهلكناهم بتكذيبهم خيبة وخسرانا { و } بواسطة تلك الخصلة المذمومة المشتركة بينهم { كلا } منهم { تبرنا } وفتتنا أجزاءه { تتبيرا } [الفرقان: 39] تفتيتا وتشتيتا إلى حيث لم يبق منهم أحد يخلفهم ويحيي اسمهم.
ثم أخذ سبحانه بتعيير قريش وتوبيخهم وقساوة قلوبهم، وشدة شكيمتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكمال غيهم وغفلتهم عن الله، ونهاية عمههم وسكرتهم، وعتوهم واستكبارهم في أنفسهم إلى حيث لم يتأثروا ولم يتعظوا مما جرى على أمثالهم من العصاة والبغاة، المتمردين على الله ورسوله، فقال سبحانه مؤكدا بالقسم على سبيل التعجب من شدة قساوتهم: { و } الله { لقد أتوا } يعني: قريشا كانوا يذهبون إلى الشام؛ للتجارة ويمرون في كل مرة ذهابا وإيابا { على القرية التي أمطرت } على أهلها { مطر السوء } يعني: الحجارة؛ قهرا من الله إياهم، وزجرا لهم من سوء فعالهم وخروجهم من حدود الله وسوء الأدب مع الله ورسوله؛ يعني: لوطا، والقرية سدوم معظم بلاد قوم لوط.
{ أفلم يكونوا يرونها } في مرات مرورهم؛ حتى يتذكروا ويتعظوا منها { بل كانوا } يرونها في كل مرة؛ إذ هي على جنب الطريق، لكن بكفرهم بالله وكمال قدرته وعزته { لا يرجون } أي: لا يأملون { نشورا } [الفرقان: 40] أي: يوم ينشرون فيه للجزاء، ولا يخافون مما سيجري عليهم فيه؛ لذلك لم يعتبروا ولم يتعظوا منها ومما جرى على أهلها.
{ و } من كمال استكبارهم وشدة غيظهم معك يا أكمل الرسل { إذا رأوك } في المرأى { إن يتخذونك } أي: ما يتخذونك، ولا يحدثون عنك وفي شأنك { إلا هزوا } أي: كلاما مشعرا بالاستهانة والاستحقار والسخرية؛ حيث يقولون في كل مرة من مرات رؤيتهم بك متهكمين: { أهذا الذي بعث الله } لكم { رسولا } [الفرقان: 41] يرشدكم ويهديكم إلى توحيد ربه، ويقيم عليكم الحجج والبراهين؛ ليصرفكم عن آلهتكم وآلهة آبائكم وأسلافكم؟!.
ومن كمال جده وجهده في أمره ونهاية مبالغته في السعي والاجتهاد { إن كاد ليضلنا } أي: إنه قرب؛ ليضلنا ويصرفنا { عن آلهتنا لولا أن صبرنا } أي: ثبتنا ومكنا ووطنا نفوسنا { عليها } لصرفنا عن آلهتنا؛ أي: على عبادة آلهتنا، وأضلنا عن طريق عبادتهم؛ لسعيه التام وجده البليغ في ترويج دينه وإثبات دعواه، وكثرة إظهار ما يخيل له أن حجج ومعجزات وكمال فصاحة في تبيينها، وبالجملة: لولا صبرنا وثباتنا على ديننا لضللنا عن آلهتنا بإضلاله، قال سبحانه ردا عليهم على سبيل التهديد والتوبيخ: { وسوف يعلمون } أولئك الحمقى الجاهلون { حين يرون العذاب } النازل عليهم { من أضل سبيلا } [الفرقان: 42] وأخطأ طريقا، وأسوأ حالا ومآلا، أنتم أيها الجاهلون المصرون على الجهل والعناد، أم المؤمنون؟.
[25.43-46]
অজানা পৃষ্ঠা