270

[11.102-109]

{ وكذلك } أي: مثل ما سمعت يا أكمل الرسل { أخذ ربك } أي: انتقامه وبطشه { إذا أخذ القرى } أي: حين أخذ أهلها بظلمهم وعصيانهم { وهي ظالمة } خارجة عن مقتضى الأمر والإلهي ونهيه، وبالجملة: { إن أخذه } للمسرفين الخارجين عن حيطة حدوده { أليم } مؤلم { شديد } [هود: 102] في غاية الشدة؛ لكونهم مبالغين في الإصرار والاستكبار.

{ إن في ذلك } المذكور من قصص الأمم الهالكة { لآية } عظة وعبرة { لمن خاف عذاب الآخرة } وحساب الله إياه فيها على رءوس الأشهاد { ذلك } اليوم { يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود } [هود: 103] شهد فيه الجميع للجميع بل الأعضاء والجوارح على صاحبها.

{ وما نؤخره } أي: اليوم الموعود { إلا لأجل معدود } [هود: 104] أي: لانقضاء مدة قصيرة.

اذكر يا أكمل الرسل عظة وتذكيرا لمن تبعك { يوم يأت } ذلك اليوم الموعود الهائل { لا تكلم } فيه { نفس } ولا يشفع شافع؛ لشدة هوله وفزعه { إلا بإذنه } أي: بإذن الله وإقداره إياها { فمنهم } أي: بعض الناس من الموقوفين في المحشر { شقي } خرج من الدنيا على الشقاوة ووخامة العاقبة { و } منهم { سعيد } [هود: 105] خرج منها على السعادة وحسن العاقبة.

{ فأما الذين شقوا } في الدنيا وخرجوا منها على الشقاوة { ففي النار } أي: هم في النشأة الأخرى داخلون في النار ومضطربون فيها؛ إذ { لهم فيها زفير وشهيق } [هود: 106] أي: أخراج النفس من شدة الحرارة، وشيهق؛ أي: رده؛ يعني: حالهم فيها كحال من استلوت عليه الحرارة على قلبه وضيق الأمر عليه، فيردد نفسه كما في سكرة الموت، وذلك من شدة كربهم وآلمهم ولكونهم متناهين في الشاقوة في دار الدنيا، لا ينقطع عذابهم فيها أصلا.

{ خالدين فيها ما دامت السموت والأرض } أي: ما تحقق الجهتان الحقيقيتان؛ أي: الفوق والتحت { إلا ما شآء ربك } أي: تعلق إرادته ومشيئته لأخراج بعض منها كفساق المؤمنين { إن ربك فعال لما يريد } [هود: 107] أي: له الاختيار التام في جميع مراداته ومقدوراته، ومن جملتها: إخراج بعض العصاة من النار.

{ وأما الذين سعدوا } في الدنيا، وخرجوا على السعادة منها { ففي الجنة } أي: هم في النشأة الأخرى في الجنة التي هي منازل السعداء الآمنين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون { خالدين فيها ما دامت السموت والأرض } متنعمين فيها مترفهين بأنواع النعم الجسام { إلا ما شآء ربك } وتعلق إرادته بإعلاامها، وهو الانكشاف الذاتي والتجلي الشهودي، وذلك لمن يعطى { عطآء غير مجذوذ } [هود: 108] أي: غير مقطوع؛ إذ لا انقطاع للتجليات الذاتية ولا للذاتها المرتبة عليها بالنسبة إلى الفائزين بها، جعلنا الله من خدامهم.

وبعدما تبين حال السعداء المقبولين والأشقياء المردودين { فلا تك في مرية } شك وتردد { مما يعبد هؤلاء } المشركون، ألا يستجلب عليهم العذاب والنكال كما استجلب على أسلافهم؛ إذ هم { ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم } وأسلافهم { من قبل } فسيلحقهم مثل ما لحقهم؛ لأن اشتراك الأسباب يوجب اشتراك المسببات { وإنا } وإن أمهلناهم زمانا في الدنيا { لموفوهم نصيبهم } وحظهم من العذاب في الآخرة مثلهم { غير منقوص } [هود: 109] من عذابهم.

[11.110-115]

অজানা পৃষ্ঠা