তাফসির আল-বাগাভী
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
তদারক
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
প্রকাশক
دار طيبة للنشر والتوزيع
সংস্করণের সংখ্যা
الرابعة
প্রকাশনার বছর
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
وَالضَّرَّاءِ وَالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ (١) .
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: إِنَّ اللَّهَ ﷿ يَأْمُرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَحْرَقَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا عَلَى رُؤْيَةِ الْأَصْنَامِ (٢) أَنْ يَدْخُلُوا جَهَنَّمَ مَعَ أَصْنَامِهِمْ فَلَا يَدْخُلُونَ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ عَذَابَ جَهَنَّمَ عَلَى الدَّوَامِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيَ الْكُفَّارِ: "إِنْ كُنْتُمْ أَحِبَّائِي فَادْخُلُوا جَهَنَّمَ" فَيَقْتَحِمُونَ فِيهَا فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ وَقِيلَ إِنَّمَا قَالَ ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحَبَّهُمْ أَوَّلًا ثُمَّ أَحَبُّوهُ وَمَنْ شَهِدَ لَهُ الْمَعْبُودُ بِالْمَحَبَّةِ كَانَتْ مَحَبَّتُهُ أَتَمُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" (٥٤-الْمَائِدَةِ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ وَلَوْ تَرَى بِالتَّاءِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَجَوَابُ لَوْ هَاهُنَا مَحْذُوفٌ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى "وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعِتْ بِهِ" (الرَّعْدِ-٣١) يَعْنِي لَكَانَ هَذَا الْقُرْآنُ فَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ مَعْنَاهُ وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فِي شِدَّةِ الْعَذَابِ لَرَأَيْتَ أَمْرًا عَظِيمًا، قِيلَ: مَعْنَاهُ قُلْ يَا مُحَمَّدُ: أَيُّهَا الظَّالِمُ لَوْ تَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أَوْ أَشْرَكُوا فِي شِدَّةِ الْعِقَابِ لَرَأَيْتَ أَمْرًا فَظِيعًا، وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ مَعْنَاهُ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْعَذَابِ أَيْ لَوْ رَأَوْا شِدَّةَ عَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ لَعَرَفُوا مَضَرَّةَ الْكُفْرِ وَأَنَّ مَا اتَّخَذُوا مِنَ الْأَصْنَامِ لَا يَنْفَعُهُمْ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ يَرَوْنَ﴾ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا ﴿الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ﴾ أَيْ بِأَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا مَعْنَاهُ لَرَأَوْا وَأَيْقَنُوا أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا.
وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ إِنَّ الْقُوَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ بِكَسْرِ الْأَلِفِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالْكَلَامُ تَامٌّ عِنْدَ قَوْلِهِ ﴿إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾ مَعَ إِضْمَارِ الْجَوَابِ
﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)﴾
﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ﴾ هَذَا فِي يوم القيامة ٢٣/أحِينَ يَجْمَعُ اللَّهُ الْقَادَةَ وَالْأَتْبَاعَ فَيَتَبَرَّأُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: هم الشياطين يتبرأون مِنَ الْإِنْسِ ﴿وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ﴾ أَيْ عَنْهُمُ ﴿الْأَسْبَابُ﴾ أَيِ الصِّلَاتُ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْقَرَابَاتِ وَالصَّدَاقَاتِ وَصَارَتْ مُخَالَّتُهُمْ عَدَاوَةً، وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: الْأَرْحَامُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ" (١٠١-الْمُؤْمِنُونَ) وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي الْأَعْمَالَ الَّتِي كَانُوا
(١) انظر: الوسيط للواحدي: ١ / ٢٣٦. (٢) في هامش (أ): لأن من الكفار من يعبد النار إلى آخر العمر، ثم يحرق نفسه فداء للصنم.
1 / 179