لَهُمُ الْيَهُودُ، مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ، وَكَفَرُوا بِعِيسَى وَالْإِنْجِيلِ، وَقَالَتْ لَهُمُ النَّصَارَى: مَا أَنْتُمْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ، وَكَفَرُوا بِمُوسَى وَالتَّوْرَاةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ﴾ [وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ، قِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ فِي كُتُبِهِمْ هَذَا الِاخْتِلَافُ فَدَلَّ تِلَاوَتُهُمُ الْكِتَابَ] (١) وَمُخَالَفَتُهُمْ مَا فِيهِ عَلَى كَوْنِهِمْ عَلَى الْبَاطِلِ ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ يَعْنِي: آبَاءَهُمُ الَّذِينَ مَضَوْا ﴿مِثْلَ قَوْلِهِمْ﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنِي: عَوَامُّ النَّصَارَى، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي مُشْرِكِي الْعَرَبِ، كَذَلِكَ قَالُوا فِي نَبِيِّهِمْ مُحَمَّدٍ ﷺ وَأَصْحَابِهِ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدِّينِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: أُمَمٌ كَانَتْ قَبْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِثْلَ قَوْمِ نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ وَشُعَيْبٍ ﵈ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَيْءٍ (٢) ﴿فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ يَقْضِي بَيْنَ الْمُحِقِّ وَالْمُبْطِلِ ﴿فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ الدِّينِ.
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (١١٤)﴾
قَوْلُهُ ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ﴾ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي طَيْطُوسَ بْنِ إِسْبِيسَبَانُوسَ الرُّومِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ غَزَوْا بَنِي إِسْرَائِيلَ فَقَتَلُوا مُقَاتَلِتَهُمْ وَسَبَوْا ذَرَّارِيهِمْ، وَحَرَّقُوا التَّوْرَاةَ وَخَرَّبُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَقَذَفُوا فِيهِ الْجِيَفَ وَذَبَحُوا فِيهِ الْخَنَازِيرَ، فَكَانَ خَرَابًا إِلَى أَنْ بَنَاهُ الْمُسْلِمُونَ فِي أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁.
وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ بُخْتُنَصَّرُ وَأَصْحَابُهُ غَزَوُا الْيَهُودَ وَخَرَّبُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ذَلِكَ النَّصَارَى، طَيْطُوسُ الرُّومِيُّ وَأَصْحَابُهُ مِنْ أَهْلِ الرُّومِ (٣)، قَالَ السُّدِّيُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا، وَقَالَ قَتَادَةُ: حَمَلَهُمْ بَعْضُ الْيَهُودِ عَلَى مُعَاوَنَةِ بُخْتُنَصَّرَ الْبَابِلِيِّ (الْمَجُوسِيِّ) (٤) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أَيْ أَكْفَرُ وَأَعْتَى ﴿مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ يَعْنِي بيت المقدس ومحاربيه (٥) . ﴿أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى﴾