والثاني على وجه التعظيم، لأنهم يجعلون ما يستعظمونه ملكًا له نحو: بيت الله وناقة الله وتعظيم إياه على وجه أن اليوم الآخر لا انقضاء له ولا فناء، وجميع ما في الدنيا فإن، وقد علم أن الباقي أشرف من الفاني، فأما الدين فالجزاء، كقوله: ﴿وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾، وقيل: الدين عبارو عن الشريعة كقوله: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾، ومعناه يوم جزاء الدين، ومثل: الدين الطاعة، أي يوم جزاء الطاعة وخص الطاعة وإن كانت المجازاة عنها وعن المعصية لأمرين أحدهما إن كل أحد بطبعه في ذلك اليوم ولذلك قال: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ والثاني: أن الطاعة هي المقصودة بالجزاء ولأجلها خلقنا وعلى ذلك ذل قوله ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، وقرئ " مالك " - بالنصب - فقيل: هو نداء - فعلى هذا يقع في اللفظ عدول عن الخبر إلى الخطاب به.
وقيل: نصبه على المدح والعدول عن الخير إلى الخطاب حينئذ، يكون في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾
قوله ﷿: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ الآية (٥) - سورة الفاتحة.
قال بعض النحويين: " إياك " كله اسم واحد.
وقال بعضهم: " الكاف " هو الاسم.
و" أيًا ": وصلة له.
وهذان لا تنافي بينهما في الحقيقة، لأن ذلك بنظرين مختلفين، وذاك أن الضمير المتصل إذا قدم أو فصل بينه وبين المتصل به لا يحسن النطق به مفردًا، فضم إليه: " إيا " ليصير بذلك كلامًا مستقلًا.
فمن قال: الضمير هو الكاف، فإنما اعتبر بذلك بعد انضمام " إيا " إلى الضمير.
والعرب كما أنهم يتحرون بالحروف المركبة إفادة المعنى، فقد يأتون ببعضها تهذيبًا للفظ وتحسينًا له، بدلالة إدخالهم الحروف بين الحرفين المتنافرين في
1 / 57