يدفع به كالقرون للبقر والغنم، وبعض دبوسًا كالحافر للفرس والحمار، وبعض نشابًا كالشوك للقنفذ، وجعل لكلٍ لباسًا بحسب كفايته، وألهم كلًا منها صنعة يتعاطاها بطبعه، وجعل للإنسان بدل ذلك الفكر والتمييز الذي يمكنه أن يتخذ به كل آلة وكل ملبس على قدر حاجته إليه، ويتناوله متى شاء، ويضعه متى أحب، ويستبدل به كيفما أراد، والحيوانات ليس لها أن تضع أسلحتها متى ما استغنت عنها ولا أن تستبدل بها فهذا دليل على تمام الإنسان ونقصان الحيوانات، والإنسان بالفكر والرويّة يقهر الحيوانات التي هي أقوى منه لأنه يهيء بفكرته لكل منها آلة يصطادها بها. فإذًا العقل الذي أعطاه ليحصل به كل ما يحتاج إليه أعلى وأشرف، فإنه مرآة إذا جلاها اطّلع بها على ملكوت السموات والأرض.
1 / 63