واستخلفه، وهي الأشياءُ التي يحتاج صناعة أكثرها إلى ستة أشياء، إلى عنصر تعمل منه، وإلى مكان وإلى زمان وإلى حركة وإلى أعضاء وإلى آلة، وهذا الضرب خص الإنسان به ولم يستصلح له الملائكة، وجعل لكم من الملَك مقامًا معلومًا كما نبه عليه تعالى بقوله: (وما منا إلاّ له مقام معلوم) . وكذلك جعل لكل نوع من الناس مقامًا معلومًا كما نبه عليه بقوله: (قل كلٌّ يعمل على شاكلته) وقوله: (انظر كيف فضَّلنا بعضهم على بعض) . وقول النبي ﷺ: " كلٌّ مُيَسَّرٌّ لما خُلق له ". ولكن عامة الملائكة لم يعصوا الله فيما أمرهم كما وصفهم تعالى بقوله: (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) والناس فيما أُمروا به وكلفوه بين مطيع وعاصٍ فهم على القول المجمل ثلاثة أضرب: ضرب اخلُّوا بأمره، وانسلخوا عما خُلقوا لأجله، واتبعوا خطوات الشيطان وعبدوا الطاغوت. وضرب وقفوا بغاية جهدهم حيث ما وقفوا كالموصوفين بقوله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا) وضرب ترددوا بين الطريقين كما قال الله تعالى: (خلطوا عملًا صالحًا وأ آخر سيئًا) فمن رجح حسناته على سيئاته فموعود بالإحسان إليه. وعلى الأنواع الثلاثة دل الله تعالى بقوله: (وكنتم أزواجًا ثلاثة فأصحابُ الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة ما أصحاب المشئمة والسابقون السابقون أولئك المقرَّبون) وعلى هذا أقسم الله تعالى في آخر السورة فقال: (فأما إن كان من المقرَّبين فرَوْحٌ وريحانٌ وجنة نعيم وأما إن كان من
1 / 50