الإيالة، فصار عند ربه مأجورًا مشكورًا. وصنف جدَّ تارة وقصَّر تارة، فجرح وجُرح، وغَلب وغُلب. فهو كما قال تعالى: (خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله أن يتوب عليهم) وقال بعضهم::الإنسان إذا اعتُبر مع قوة التخيل وقوة الغضب وقوة الشهوة فمثله مثل من بلي في سفره بصحبة ثلاثة اضطر إليهم حتى لا يمكنه أن ينفصل منهم ويقضي سفره من دونهم " كما قال الشاعر:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى ... عدوًّا له ما من صداقته بدُّ
فيا نكد الدنيا متى أنت نازح ... عن الحر حتى لا يقاربه ضد
فواحدٌ أمامههو له رقيب يحفظه، وعين تكلأه، لكنه مَلق باهت مموّه يلفق الباطل تلفيقًا، ويختلق الزور اختلاقًا، فيخلط الكذب بالصدق والخطأ بالصواب. والثاني عن يمينه بطش زَعر، يحميه عن أعاديه، لكنه كثيرًا ما يغويه، فيهيج هائجه فلا يقمعه النصحُ ولا يطأطئه الرفق، كأنه نار في حطب أو سيل في صبب أو قَرْمٌ مُغْتَلِم، أو سبعٌ ثاكل، فيحتاج أن يسكنه دائمًا فيحتمي به ومنه فهو معه كما قيل: " راكب الأسد يهابه الناس وهو في نفسه أهيب " والثالث عن يساره وهو الذي يأتيه بالمطعم والمشرب ولكنه
1 / 43