তাফকির ফারিদা ইসলামিয়্যা
التفكير فريضة إسلامية
জনগুলি
والوجودية مذهب آخر من المذاهب الفكرية يشبه التطور في هذا العموم الشائع بين الآراء والتطبيقات، فإن الوجودية في حقيقتها وجوديات كثيرة تتشعب في كل ناحية من نواحي النظر والاعتقاد، ولا تلتقي في غير قاعدة واحدة، هي الاعتزاز بحق الفرد في الوجود؛ لأنه عند الوجوديين هو الكيان الثابت الذي تصدق عليه صفة الوجود الصحيح؛ إذ لا وجود في غير الذهن للأنواع والأجناس والفصائل والأقسام، ولكنها كلها أفراد متفرقة هي الموجودة بذواتها دون ما يطلق عليها من الأسماء و«الماهيات» في اصطلاح المنطقيين ...
وليس على الفكر حرج أن يدحض زعم الزاعمين بوجود الفرد وبطلان وجود النوع في الحس والعيان، فهذا كله لا طائل تحته في النتيجة التي يخرج بها الوجوديون من تلك المقدمة، وإنما نتيجتها أن الفرد مسئول، وأنه صاحب الحق الواجب على قدر هذه المسئولية، وأنه خليق ألا يدين لسلطان غير سلطان الضمير؛ لأنه يحاسب على أعماله ونياته، ولا يغني عنه أمر الجماعة ولا أمر ذوي السلطان، وذلك هو حق العقل في الإسلام؛ بل هو فيه واجب العقل لا يغنيه أن يعتذر منه بطاعة السلف، أو طاعة الجماعة، أو طاعة الرؤساء والأحبار. وقد وصل العقل الإنساني إلى هذا الحق، وهذا الواجب بفضل العقيدة الإسلامية قبل أن يصل إليه من طريق الجدل العقام في التفرقة بين وجود الذوات ووجود الماهيات. •••
ولا بد - في عصور الثقافة خاصة - من كلمة سواء بين الدين وهذه المذاهب الفكرية. فما هي رسالة الدين، وما هي رسالة المذاهب؟ مهما يكن من رأي في هاتين الرسالتين ففي وسعنا أن نقول: إن الدين ينبغي أن يطلق للمذاهب الفكرية مجالها في المسائل المتجددة، وإن المذاهب الفكرية ينبغي أن ترعى للدين حرمته في المسائل الباقية. إن المذاهب تذهب والدين باق، وليس بالمتدين ذلك الذي يحمل عقيدته ليطرحها عند أول مذهب يروقه ويوائم خواطره في مشكلات يومه ...
وباستقراء الواقع فيما مضى وما حضر، نتبين أن الإسلام قد قال هذه الكلمة السواء في عهود كثيرة، وأنه كان في تلك العهود مذهبا فكريا وزيادة؛ لأنه لم يقرر أصلا من أصوله يحجر على العقل في تفكيره، ولأن الجانب الذي وكله إلى الإيمان من روح الإنسان هو الجانب الذي لا يستطيع الفكر أن يقول كلمة أولى بالاتباع من كلمة الدين.
الفصل الثاني عشر
العرف والعادات
دخلت في الإسلام عند ظهوره أمم شتى من أبناء الحضارة والبداوة تأصلت لهم عادات عريقة، وآداب موروثة، وتباعدت المسافة بين تلك الأمم في عاداتها وآدابها كما تباعدت في مواقعها وتخومها، ومنها خلفاء الفرس والبابليين والفينيقيين والكنعانيين والفراعنة والبربر، وقبائل البادية أو البوادي المتلاحقة بين وادي النهرين ووادي النيل ...
عالم شاسع تعددت فيه الأزياء والمراسم والمواسم والأطعمة والأشربة والآداب والمصطلحات، كما تعددت اليوم في القارة الواسعة بين شعوبها التي تنتمي إلى مختلف العناصر والأقوام، فتعود المسلمون من اللحظة الأولى أن يوسعوا أكناف الإسلام لكل ما في هذا العالم الشاسع من عرف وعادة، ومن شعائر ومراسم، وأصبح العالم الإسلامي مرادفا عندهم للعالم الإنساني عند النظر إلى اختلاف الظواهر والأشكال.
وأعفتهم هذه النظرة السمحة من جمود التقاليد التي تنعزل بأصحابها عن العالم الإنساني أحيانا، كلما أقام الدين وأتباعه زمنا طويلا في معزل عن الناس، فلم يتحرج المسلمون من تلك الظواهر والأشكال في غير شيء واحد، وهو المساس بالعقائد والعبادات. وكل ما زاوله الناس بعيدا من الهيكل والمذبح فهو حل مباح لا يسألون عنه، ولا يبالون أن ينزعوا فيه منزع الأمم التي احتوتها الرقعة الإسلامية من تخوم الصين إلى شواطئ المغرب الأقصى ...
احتفل المسلمون بالنيروز، ولبسوا الطيلسان، وأكلوا في الأديرة وعلى موائد الدهاقين ، وركبوا البراذين والفيلة ، وتعاملوا بالدراهم والدنانير، وسكنوا البيوت من بناء القبط والروم، وعاشوا بدين واحد في أزياء لا عداد لها، فحققوا بذلك أن الإسلام دين العالمين ...
অজানা পৃষ্ঠা