وفيه أيضا في موضع آخر: قال السبكي(1) في ((فتاواه)):
إن قلت هل تقولون أنهم مكلفون بالشريعة في أصل الإيمان أم في كل شيء؟
قلت: بل في كل شيء؛ لأنه إذا ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل إليهم كما هو مرسل إلى الإنس، والشريعة عامة، لزمهم جميع التكاليف التي توجد أسبابها فيهم، إلا أن يقوم(2) دليل على تخصيص بعضها.
فنقول: يجب عليهم الصلاة والزكاة إن ملكوا نصابا بشرط، والحج، وصوم رمضان، وغيرها من الواجبات.
ويحرم عليهم كل حرام في الشريعة، بخلاف الملائكة، فلا نلتزم أن هذه التكاليف كلها ثابتة في حقهم إذا قيل بعموم الرسالة، يحتمل ذلك، ويحتمل الرسالة في البعض.
فإن قلت: لو كانت الأحكام بجملتها لازمة للجن كما هي لازمة للإنس؛ لكانوا يترددون إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتعلموها، ولم ينقل.
قلت: لا يلزم من عدم النقل عدم اجتماعهم، وحضورهم مجلسه، وسماعهم كلامه من غير أن يراه المؤمنون، ويكون هو صلى الله عليه وسلم يراهم، ولا يراهم الصحابة.
وقد ورد في آثار كثيرة عن السلف أن جماعة من الجن كانوا يقرؤن عليهم القرآن، ويتعلمون العلم، وذلك دليل عموم الأحكام فيهم. انتهى.
পৃষ্ঠা ২৪