[تذكرة الراشد1]
بسم الله الرحمن الرحيم
يا رب لك الحمد حمدا متواليا ، ولك الشكر شكرا متتاليا ، على أن أسبلت علي نعما متكاثرة، وأسبغت علي مننا متظافرة، أدبتني من صباي ، ونجيتني من عملي، وعلمتني ما لم أكن أعلم به، وفهمتني ما لم أكن أفهم، وجعلتني من ورثة الأنبياء، وحملة الشريعة البيضاء، سبحانك رب ما أعظم شأنك، وأرفع مكانك.
أشهد أنك لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك في ملكك وملكك، هو الرفيع فلا الأبصار تدركه، سبحانه من مليك نافذ القدر، سبحان من هو أنسي إذ خلوت به في جوف ليلي، وفي الظلمات والسحر.
أنت الحبيب، وأنت الحب يا أملي، من لي سواك، ومن أرجوه يا ذخري، بأي لسان أحمدك، وبأي جنان أشكرك، على أن جعلتني من العلماء المميزين، والفضلاء المعززين، وشهرت تصانيفي في العالمين، ووقرت تآليفي عند العالمين، ونصبتني في مقام إحقاق الحق الصراح(1)، والصدق القراح(2)، وأقمتني في مقام إبطال الباطل الواهي(3)، وإضلال العاطل الساهي، ووفقتني(4)لإزاحة الخطأ، وإظهار الصواب، ووفقتني(5) على ما هو القشر وما هو اللباب، وحفظتني من جمع اليابس والرطب، كجمع حمالة(6) الحطب، وحرزتني من تواتر الزلات، وتكاثر الخطيئات، وأمسكت لساني عن الطغيان، وكففت جناني عن العدوان، وما عودتني بالتكلم بكلمات أصحاب الرذالة، وما أضللتني بالترنم بخرافات أرباب الجهالة.
পৃষ্ঠা ৬
فبك يا رب أجول(1)، وبك أحول(2)، وبك أصول(3)، وبك أقول، وبك أستنصر(4)، وبك أستظهر(5)، وبك أستظفر(6)، وبك أستعذر(7)، إياك نعبد وإياك نستعين في كل الأمور، في كل مساء وكل بكور(8).
سبحان من ذكره عز لذاكره، وإن تحفل في الأقوال واجتهدا، لم يتخذ سكنا في قدم عزته، ولم يلده أب حقا لا ولدا، ولا استعان بشيء في حقيقته، ولم يزل بعظيم العز منفردا، سبحانه وتعالى في جلالته، هو المهيمن لا أشرك به أحدا.
اللهم لك الحمد حمدا لا يدخل تحت العد على أن أعطيتني نصيبا من المهارة في الفنون العقلية والنقلية، وأتيتني حظا من العلوم الحكمية والشرعية، ورزقتني حفظا في علوم التاريخ والأخبار، ووهبتني علما في علوم الفقه والآثار مع بضاعة من التنقيح والترجيح، وحصة من التحقيق والتدقيق.
পৃষ্ঠা ৭
وألهمتني نشر العلوم المنيفة، والفنون الشريفة تدريسا، وتأليفا، وتذكيرا، وتعليما مع التفحص الفائق، والتخلص اللائق، من دون اتباع الهوى، فمن اتبعه واتخذه إلها(1) فقد غوى، وما أضللتني مع علم، وما أسمعتني وأبصرتني مع ختم، وما جعلت على بصري غشاوة، ولا في قلبي قساوة، كل ذلك مع الخشوع والخضوع وحفظ الأركان وحرز اللسان.
اللهم إنك تعلم أني لا أذكره إلا تحدثا(2)بالنعمة، وشكرا، لا تخلقا بخلق طالب الشهرة، وفخرا، وأي فخر لمن لا يدري ما يمضي عليه في الحشر والقبر.
পৃষ্ঠা ৮
وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدا عبدك، ورسولك، وصفيك،وحبيبك، شفيع الخلائق إذا يئسوا، وخطيب الخلائق إذا سكتوا، الفائز بالسعادة الأزلية الأبدية، والسيادة الدهرية السرمدية، هو الذي رفع قصور(1) الهدى في أوان قصوره، وقلع صخور(2) العمى في زمان نشوره(3)، به طلع نجم الهداية بعد أفوله(4)، ولمع بدر العناية بعد ذبوله، مهد قوانين الشريعة وسدد أساطين(5) الطريقة، أوضح سبل الطريق الأمم(6)، وأفصح عن طرق السبيل الأتم، لقد نجى من أخذ بحظ من وراثته، وطغى من نبذ(7) حظه من تركته.
ما إن مدحت محمدا بمقالتي
لكن مدحت مقالتي بمحمد
اللهم فاجزه عنا خير الجزاء، وأبلغه إلى مدارج الانتهاء، أفضل ما جازيت به نبيا عن حزبه، ورسولا عن قومه.
وصل اللهم صلاة دائمة بدوام السماوات والأرض، قائمة بقيام الجواهر والعرض عليه، وعلى أهل بيته الذين نزلت فيهم آية التطهير، وأصحابه الذين شبهوا بالنجوم في الهداية(8) والتذكير، وعلى جميع أتباعه وأحزابه إلى يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة.
وبعد:
পৃষ্ঠা ৯
فيقول الراجي عفو ربه القوي الداعي، حفظه من شر كل غوى، الذي لا حرفة له إلا اكتساب السيئات، ولا صنعة له إلا ارتكاب الخطيئات، المكنى بأبي الحسنات، والمدعو بعبد الحي اللكنوي، تجاوز الله عن ذنبه الجلي والخفي، ابن الفاضل الجليل، الكامل النبيل، البحر الزاخر، السحاب الماطر، الغيث الدرار، ليث كتائب الأخيار، أستاذ أساتذة الدهر، عماد جهابذة العصر، صاحب التصانيف الكافية، والتآليف(1) الشافية، مولانا الحاج الحافظ محمد عبد الحليم أدخله الله دار النعيم.
هلموا يا أهل النهى(2)؛ وتعالوا يا أهل الحجى؛ أقص لكم أعجب القصص، وأنص(3) بأغرب القصص(4):
পৃষ্ঠা ১০
إني قد كنت نبهت في سابق الزمان، في رسائلي المشتهرة(1) في البلدان، على بعض المسامحات الواقعة في تأليفات الفاضل الكامل، زينة المجالس والمحافل، زبدة المآنس والأماثل، ذي التصنيفات الشهيرة، والترصيفات الكبيرة، النواب السيد صديق حسن القنوجي، ثم البهوبالي(2)، بلغه الله لي كواعب(3) الأماني والعوالي(4)، ولا حرمه الله عن أبكار الغوالي(5)، وحفظه الله عن غياهب(6) الأيام والليالي، ولا ابتلاه الله بالجمع بين الحصى واللآلئ.
وكان ذلك لغرضين، يطلبه أفاضل الثقلين:
أحدهما: أن يتنبه مؤلفها، فيرصفها ويهذبها؛ فإن كثرة الزلات في الكتب المصنفة تورث مضرات إلى مصنفها، وإلى الكملة والطلبة ممن يطالعها، وينتفع بها.
أما إيراثه المضرة إلى مصنفها، فهو أنها تجعله غير معتبر ومستند، لا يعتمد عليه معتمد ظنا منهم: أنه حاطب الليل، كاسب الويل، راكب متن ناقة عمياء(7)، جاذب شاة ثولاء(8)، وستقف على تفصيل ذلك في ما يأتي إن شاء الله تعالى.
পৃষ্ঠা ১১
وأما إيراثه المضرة إلى الخلق، فهو أنهم يقعون بمطالعة مثل هذا في الجهل المركب، ويبتلون بالغرق، فإن نقاد الفنون في هذه الأعصار والأمصار قليلون، وعارفوا الرجال بالحق ندرون، وأكثرهم إنما يعرفون الحق بالرجال، ويعتمدون على ما سطره من اشتهر بالفضل والكمال، ولا يعرجون إلى قلة تنقيح المقال، بل يكتفون بما قيل أو يقال، ويكثرون التنقل، ومن أكثر التنقل وقع في التغفل.
هذا شأن أكثر أهل العلم والفضل، فما ظنك بمن كان مكنى بأبي الإثم والجهل، فهولاء إذا وقفوا على هذه التصانيف المشتملة على المغلطة(1)، وقعوا في المزلقة.
وثانيهما: أن يتحفظ الخواص والعوام من أكاذيب الأوهام، وأعاجيب الأحلام؛ لئلا يعدوا باعتقادها من الأنعام.
وهذا الذي ارتكبته؛ لهذا الغرض الذي أوردته، لست متفردا في ذلك، وليس ذلك بأول قارورة كسرت في الدورة الإسلامية، بل لم تزل جهابذة النبلاء، وأساتذة الفضلاء، يردون على من كثرت منه المسامحات والمناكير، والمغالطات والأساطير، ويخطئونه، ويجهلونه، ويعيبون عليه ما صدر عنه، ويقولون: إنه لا له بل عليه ، ويشددون النكير عليه، ويحكمون بوجوب التعزير عليه، كل ذلك مع سلامة الصدر من الحقد، والحسد، والبغض، وسلامة اللسان من السب، والشتم، والفحش، وسنطلع على تفصيل هذا فيما يأتي بعد هذا، وقد حصل بحمد الله الغرض الثاني الأجل دون الأول، وكان مهتما به غير أهون.
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
পৃষ্ঠা ১২
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فإن أكثر الكملة والطلبة قد حصلت لهم النجاة عن المحن، ولم يقعوا بتلك المزخرفات في الفتن، وشكروا صنيعي، وأثنوا على طريقي.
فالحمد لخالق السماء والأرض على حصول هذا الغرض، والحسرة كل الحسرة على عدم تنبيه مؤلفها، وعدم تنقيحه وتهذيبه لها، وليته سكت إذ لم يتيقظ، وصمت ولم يتغلظ.
والحسرة كل الحسرة، والتأسف على التأسف، على التبختر(1) والتعنف(2)، حيث قام بإشارته وارتضائه بعض أحزابه وأتباعه للانتصار، ونام(3) عما يترتب عليه من الأوزار، فألف كتابا سماه ((شفاء العي عما أورده الشيخ عبد الحي))، وأتى فيه بكلمات تنتفر عنها القرائح السليمة، وتفر عنها الطبائع السليمة، وملأه بهزليات الأجوبة، وجدليات الأسئلة ظنا منه أن مثل هذا يكفي في الجواب وإظهار الصواب.
ومبنى جميع مباحثه على أن صاحب ((الإتحاف)) (4)وغيره ناقل من غيره، سائر بسيره، والناقل لا يرد عليه شيء من الإيرادات، وتحصل له بمجرد تصحيح النقل النجاة، ولا يخفي على أولي الألباب أن أمثال هذا الجواب مما يضحك عليه كل صبي وشاب، وإن هو إلا كنعيق الغراب، أو نباح الكلاب.
পৃষ্ঠা ১৩
فأمرني من إشارته عزم، وطاعته غنم، أن أرد عليه ردا شافيا، وأبرز ما فيه من الغي إبرازا وافيا، فألفت رسالة مسماة ب((إبراز الغي الواقع في شفاء العي))(1)، ووشحتها(2) بعبارات لطيفة، وكلمات نظيفة، ورشتها(3)بإشارات مطربة، ونكات معجبة(4).
ولما طبعت، وشاعت في الأمصار والقرى، جاءت إلي من علماء الأطراف والأكناف مكاتيب تترى(5)، تشهد بكونها عديمة النظير في بابها، فقيدة المثيل في أمثالها، ولله الحمد بالسر والإجهار على أن ألبسها لباس الاشتهار، وهبت عليها رياح القبول من ذوي العقول، وقد دفعت فيها ما في ((شفاء العي)) من الجواب، وهدمت أساس ما بنى عليه الخطاب، بتشريح كافل، وتوضيح كامل.
وخلاصته: أن صاحب ((الإتحاف)) إن كان ناقلا ملتزم الصحة يكون موردا وملزما، وإن يكن ملتزم الصحة، يكون حاطب الليل، جامعا رطبا ويابسا.
ومع ذلك زينتها في البداية والخاتمة، بذكر كثير من أغاليطه وأخاليطه في الفنون التاريخية، وغيرها من العلوم النقلية، فدونك عجالة نافعة، وعلالة رائعة، ينشط بمطالعتها الكسلان، ويكشط بسماعها صدى الأذان.
পৃষ্ঠা ১৪
فلما وصل خبر طبعها ونشرها إلى الأمصار، تحرك عرق الغضب مع لزوم الكرب(1) آناء الليل وأطراف النهار، فنادى منهم مناد، وخاطب كل حاضر وباد، باكيا وشاكيا، مناداة الهلوع(2)الجزوع، للنصير البشير النصوح(3)، والمستجير المستغيث للأجير المغيث، والمستعين للمعين، قائلا بلسان المقال والحال: يا عباد الله؛(4)أعينوني، يا عباد الله؛ أعينوني، هل من مغيث(5)يغيثنا لوجه الله؟
هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟
هل من ناصر ينصرنا؟
هل من ماكر يمكر لنا؟
هل من بشير يبشرنا ويفرجنا؟
هل من نذير ينذر من يخاصمنا؟
هل من أجير يتكنى بأبي الفرج، أو أم الهرج والمرج(6)؟
পৃষ্ঠা ১৫
فيسيل(1) علينا الفرج، ويزيل عنا العرج، ويسلك مسلك من قد مرج(2)؛ لتحصيل الفرج، ويبرك(3) مبرك من خرج عن بيته للاحتيال ولو بالمحال، وبالخدع ولج(4).
هل من مجير يتسمى بالفحاش، والنباش، والطعان، واللعان، ويتصف بزنيم(5) اللسان، خصيم الجنان، يسكت المعترض بطلاقته، ويصمته ببطالته، ويسب المقترض(6)وأباه، ويكب عليه إكباب المشاحن والملاعن، ولا يسلم ما أبداه؟
هل من وزير يتلقب بالمعتدي، والمختفي(7)، فيسب كل المبتدي والمنتهي؟
هل من مشاجر يشاجر المورد بكتمان الحق؟
هل من مكابر يكابر مع عرفان الأحق؟
هل من حاج غير زائر لقبر سيد الأوائل والأواخر(8)، يتكفل لإنكار الصدق؟
هل من عاج(9)غير ماهر في إفادات الأول والآخر، يتعمل بكلمات الفسق؟
পৃষ্ঠা ১৬
هل من مسترزق منا على أن يعيننا(1) فنغنيه(2) ويغنينا؟
هل من مسترفق(3)عنا على أن يغيثنا(4)، فندنيه من مجلس قربنا ويدنينا؟
هل من فاضل يمشي في ممشى أصحاب الرذالة؟
هل من كامل يسعى في مسعى أرباب الجهالة؟
هل من محرم يحرم بنية اللعن والطعن؟
هل من ملزم يلتزم وقوفا في موقف الخيلاء(5) والشحناء(6)، يطوف بيت الخصوم، ويطيع جبت(7) الرعونة، ويرمى بالجمرات اللسانية، ويجري في الكدرات الجنانية، فيتم الحج(8)، ويبرم(9) العج؟
هل من معين يدفع عنا النوائب(10)، ويرفع عنا المصائب، ويسهر في غياهب(11) الليل الطويل، ويسفر في سباسب(12) النيل الجليل، وينجي من قواضب(13) المعترض، وينجي(14) من ثواقب المنتهض، ويصيح عليه صياح الأسد المغالب، ويضيع بالرد عليه ضياع عبد المعائب، ويلدغه لدغ العقارب(15)وإن لم يكن من الأقارب؟
هل من مبين يبين مثالب المورد وأساتذته، ويشين(16) كتائب المورد وتلامذته؟
هل من مجيب يجيب عن إيراداته، ويعيب عليه زلاته؟
পৃষ্ঠা ১৭
هل من منيب يخاصمه كخصام من إذا خاصم فجر، وإذا شاتم هجر، وإذا أجاب مكر، وإذا أناب غدر؟
ولما وصل هذا النداء والأذان، بهذه الكلمات بالجهر والإعلان إلى كل فج عميق، وكل بيت عتيق، أجاب جمع من الأنصار بالتلبية قائلين: لبيك يا أيها المنادي للتسلية، وقام واحد منهم ممن يوسم بالعلم والكمال، ويرسم بالحلم والجمال، فتقمص بقمص(1)الإختفاء، وتلبس بفرش(2) الإعتداء، فشد الرحل إلى هذا العمل، راكبا كل ضامر(3)، سابقا على كل عابر(4)، وأنشد ما أنشده الحريري(5) في ((مقاماته))(6)، في أثناء حكاياته.
لزمت السفار، وجبت القفار
وعفت النفار(7)؛ لأجني الفرح
وخضت السيول، ورضت الخيول
لجر ذيول الصبى والمرح(8)
ومطت الوقار، وبعت العقار
لحسو العقار، ورشف القدح
وقال لشركائه وأحزابه: يا أيها الإخوان والأخدان: إنا أطروفة الزمان، وأعجوبة الأوان، أنا الذي وصفه الحريري في ((مقاماته))(9) بقوله:
أنا أطروفة الزمان
পৃষ্ঠা ১৮
وأعجوبة الأمم وأنا الجوال(1) الذي احتال
في العرب والعجم(2)
أنا الذي احتال بالمحال
واختال في الخيال
أنا الذي أسارع(3) إلى الجدال
وأدافع(4) بالقتال
أنا الذي حججت، وعن زيارة سيد القبور وقبر سيد أهل القبور أبيت، وبحرمتها أفتيت، وفي إبطال شرعيتها رصفت.
فهذه خصيصة اختصصت بها من بينكم، ونقيصة اتصفت بها دونكم، فلا يتحمل ذلك الحمل العظيم إلا أنا، ولا يتكفل بذلك الكفل الجسيم إلا أنا، إذ الخصومة بالخسيسة المذكورة، لا تتيسر إلا ممن اختص بالخصيصة المسطورة.
ففوضوا إلي هذا الانتظام، وأنتم شركائي في الاهتمام، أعينوني بقوة أعينوني(5)عند كل شدة، أجعل لكم ردما، لا يهدم هدما.
فعند ذلك خضعوا رؤسهم، وأطاعوا رئيسهم، وشدوا الإزرار؛ للإعانة في الانتصار، وتوجه كل منهم، إلى ما يليق بهم، وتوجه ذلك النصير، المختفي تحت السرير، إلى تأليف رسالة كبيرة الحجم، وعجالة كثيرة السقم، سماها كتسمية العاند الكاسد ب((تبصرة الناقد برد كيد الحاسد)).
পৃষ্ঠা ১৯
واشتغل فيها على ما سيأتي، فيما يأتي، بمكر الغادرين، غافلا عن قوله تعالى:{ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين}(1)، وأتى فيها بما لا يصدر مثله عن أهل الصبى، فضلا عن من عد من أهل التقى، واستعمل اللسان وهو الذي إذا فسد(2) فسدت الأركان، وإذا صلح صلحت الأركان في السب والشتم والطغيان، كاستعمال العاجز عن إقامة البرهان.
فإنه إذا يئس الإنسان، طال اللسان، وأبى عن قبول النصح النصيح، والنضح النضيح، واستقل بإيراد الحشو واللغويات، وألغى بإيراد اللهو والهزليات، واستغل باعتلال الصحيح، وإبطال النجيح، وغوى بتصحيح القبيح، وترجيح الشنيع، وتجرد عن لباس التهذيب الآدمي، فضلا عن التهذيب العلمي، وتعبد لطريقة الشيعي من سب الشيخين(3)، ومن بهما يقتدي، فسب وسب، وكرب وغضب، وشتم وانتقم، وهجر وهدر(4)، وجهد في طعن الأماثل، وجحد(5) عن عين الأفاضل، وصاح صيحة المباهي، وراح روحة المهاجي فعرف بالهاجي، بعدما كان يعرف بالحاجي.
পৃষ্ঠা ২০
ولم يميز بين القشر وبين اللباب، ولا بين الدر وبين التراب، ولا بين الدر وبين اللعاب، ولا بين القدر وبين الحلاب(1)، ولا بين الزرقة(2)وبين الكدرة، ولا بين الصفرة وبين الغبرة، ولا بين الصوت الحسن(3)وبين الصوت الغير الحسن، ولا بين الغناء وبين البكاء، ولا بين الترنم وبين التألم، ولا بين الرت(4) وبين الفرات(5)، ولا بين الغلاة(6) وبين البغاة(7)، وبين الأثبات الثقات، ولا بين الحبر وبين الصفر، ولا بين الجفر(8) وبين الصقر.
وخلاصة نصرته مع إطناب كلامه، وإعجابه ببيانه:
إن الأغلاط الواقعة في تصانيف المنصور:
إما من زلات قلم الناسخ المغرور.
وإما من سقطات من نقل عنه المنصور، وإنه ناقل غير ملتزم لصحة ما ينقله، ولا مهتم بحقية ما ينتحله، فكل المباحث المتعلقة بدفع الإيرادات في ((التبصرة)) دائرة بين هذين الأمرين .
فتارة يقول: إنه من زلات الناسخ.
وتارة يقول: إن صاحب ((الإتحاف)) ممن هو غير ملتزم الصحة، وقدمه في العلوم ليس براسخ.
পৃষ্ঠা ২১
ولا يخفى على أهل النهى(1)، أن هذه نصرة لا يرضى بها أهل الحجى، بل يسخط عليها المنصور ويردى، فإن عدم التزام صحة المنقول، وعدم الاهتمام بثقة المنحول(2)، ليس من شأن أرباب العقول، بل من شأن أصحاب الغفول(3).
وهو وصف لا يرتضي به الفاضل الكامل، الواصل العاقل، اليافع النافع، الرافع الناصع، المعلم المدرس، المكرم الغير الملبس، بل هو وصف لا يتصف به إلا حاطب الليل، كاسب الويل، سارق الإبل والخيل، غارق أودية(4) السيل(5)، مطفف الوزن(6)والكيل، معرف(7) الوهن والميل(8)، الباعد عن مسلك أحسن القيل(9)، الحائد(10) عن منسك أحسن النيل، السالك مسالك أهل الظلام، الناسك مناسك اللئام(11)، الغير الفارق بين الشمال واليمين، وبين الغث والسمين، وبين الشيخ والجنين، وبين البنات والبنين، وبين الخائن والأمين، وبين الضحك والأنين(12)، وبين الصوت العرفي والطنين(13)، وبين المنزه والظنين(14)، وبين السخي والضنين، وبين الرجيح والمهين(15)، وبين القبيح والمتين، وبين الطل والماء المعين، وبين المكان والمكين.
পৃষ্ঠা ২২
وهو الذي يقال إنه متمائل متجاهل، متغافل متساهل، وإنه ليس بناقل بل منتحل وسارق، ولإجماع الأمة خارق، وفي بحر التنقل غارق، وفي نهر التغفل شارق، وإنه ليس بمعتمد ولا مستند، ولا منتقد ولا معتضد، وإنه غافل غير عاقل، أو عاقل داجل غير فاضل وإن تحريراته غير معتبرة، وتقريراته غير مستندة.
والحاصل أن عدم التزام الصحة، وصف يبعد عنه كل ثقة، ولا يقصده إلا المنحط عن أعلى الدرجة إلى أسفل الدرجة.
نعم؛ لا يستنكر من العلماء طغيان القلم، وزلة القدم، أحيانا، فإن هذا لازم عرفي لمن كان إنسانا.
وأما كثرة ذلك، وعدم التزام ما ينقله هنالك، فهو من أشر المسالك، وأضر المبارك، وأشنع المهالك، وأقبح المناسك، وأنتن المدارك، وأوهن المعارك، لا يسلك عليه إلا من طغى وغوى، ولهى، وسهى، وعصى، ولم ينه النفس عن الهوى، ولم يختر سبيل الهدى ؛ ولذلك ترى الأفاضل، ينكرون أشد النكير، ويوجبون التعزير، على من اتصف بهذا، وإن كان من الأماثل، كما ستطلع على تفصيله في موضع يليق به، وما أحسن قول من أفاد، فأجاد:
وللزنبور(1) والبازي جميعا
لدى الطيران أجنحة وخفق
ولكن بين ما يصطاده باز
وما يصطاده الزنبور فرق
والذي يحلف(2)به، مثل هذه النصرة المنجرة إلى سواء الخصلة، لا يصدر إلا من صاحب الغفلة، كاسب الفضلة، {و(3)الليل إذا عسعس، والصبح إذا تنفس}(4).
পৃষ্ঠা ২৩
لو نصرني أحد مثل هذا النصر، لزجرته بأشد الزجر، وهجرته بأسد الهجر، وحجرته(1)عن هذا المكر، ومنعته من هذا الغدر، وعزلته عن منصبه إلى أن يدخل في القبر، ونفيته(2)من بلدتي إلى المكان القفر(3)، وأغرقته في النهر أو البحر، وأحرقته قبل الحشر والنشر.
وقلت له: يا أيها الغافل الباقل، المتكبر مقالا، المتصغر فعالا؛ اخترت توجيه الكلام، بما لا يرضى به قائله، وتمويه المرام بما لا يسعى به عامله، وأضفت إلي وصفا ليس من شأن النبلاء، ونسبت إلي حرفا ليس من شأن الفضلاء، وجعلتني متهما عند كل ثقة، حيث لقبتني بغير ملتزم الصحة، وأخرجتني من زمرة أرباب الرشد والسداد(4)، وأصحاب النقد والرشاد، مستحقا للبعاد، عند العباد، محرقا كالرماد.
ظننت أني أنجو من المهلكة، بمثل هذه المفسدة، وأرفو(5)خرقتي البالية، بمثل هذه الطريقة الغالية.
وقد أخطأت فيما ظننت، وغلطت فيما توهمت، وحق لك أن يقال في حقك: أنت أنف في السماء، وأست(6) في الماء(7)(8).
هذه طريقة مرمية(9)، وغير مرضية، يشبه سالكها بمن بنى بيتا وهدم قصورا مبنية، وبمن فر عن المطر، واستقر تحت الميزابات المجرية.
পৃষ্ঠা ২৪
هذه شريعة منسوخة وممحوة، ومعيوبة ومعتوبة، ومردودة ومطرودة، ومقهورة ومدحورة، ومغبونة غير مصونة، ومتروكة غير مسلوكة، يشبه عاملها بالفجرة الفسقة، عليها غبرة، تلحقها قترة(1).
هذه نصرة عاطلة(2) باطلة، فاسدة كاسدة، خامدة(3) جامدة(4)، زائغة(5) ضائعة(6)، خافضة خارقة، حالكة(7) هالكة، قاسية(8) عاصية، طاغية باغية، واهية لاهية، ساهية ناسية، كارهة فاسقة، كافرة فاجرة، خائبة خاسرة(9).
وما(10) أدراك ماهيه، ناقصة عاوية(11)، ناهقة عادية(12)، حامضة راسبة، حائرة هائمة، حائمة واشمة، خالية عارية، داخرة(13) غاوية، كاوية كاسفة(14)، ماحية خاسفة، حارقة(15) غارقة(16)، ناشزة باردة(17)، حافية(18) عاتية(19)، فاحشة غاشية، {هل أتاك حديث الغاشية}(20).
পৃষ্ঠা ২৫