الواحد بن عمرو الأسدي عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح قال دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له يا ضرار صف لي عليا فقال أو تعفني قال لا أعفيك قالها مرارا فقال ضرار أما إذ لا بد فكان والله بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته كان والله غزير الدمعة كثير الفكرة يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب كان والله كأحدنا يجيبنا اذا سألناه ويبتدئنا اذا أتيناه ويأتينا اذا دعوناه ونحن والله مع قربه منا ودنوه الينا لا نكلمه هيبة له ولا نبتديه لعظمه فان تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم يعظم أهل الدين ويحب المساكين لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ليلة وقد أرخى الليل سجوفه وغارت نجومه وقد مثل قائما في محرابه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين وكأني اسمعه وهو يقول: يا دنيا غري غيري ابي تعرضت أم إلي تشوقت هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وعيشك حقير وخطرك كبير آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق. قال فذرفت دموع معاوية على لحيته فلم يملك ردها وهو ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء ثم قال معاوية رحم الله أبا حسن فقد كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال حزن من ذبح ولدها في حجرها فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها.
পৃষ্ঠা ১১৩