تذكرة أولي النهى والعرفان
بأيام الله الواحد الديان
وذكر حوادث الزمان
تأليف
فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبيد آل عبد المحسن
من علماء أهل القصيم
الجزء الأول
مكتبة الرشد
ناشرون
المقدمة / 1
ح مكتبة الرشد، ١٤٢٧ هـ
فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر
آل عبد المحسن، إبراهيم عبيد
تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الواحد الديان وذكر حوادث الزمان. / إبراهيم عبيد آل عبد المحسن.- الرياض، ١٤٢٧ هـ ٨ مج
٤٠٨ ص؛ ١٧×٢٤ سم
ردمك: ٨ - ٦١٨ - ٠١ - ٩٩٦٠ (مجموعة)
٦ - ٦١٩ - ٠١ - ٩٩٦٠ (ج ١)
١ - التاريخ الإسلامي ٢ - التراجم
أ- العنوان
ديوي ٩٥٣
٤٧٩٢/ ١٤٢٧
ردمك: ٨ - ٦١٨ - ٠١ - ٩٩٦٠ (مجموعة) رقم الإيداع: ٤٧٩٢/ ١٤٢٧
٦ - ٦١٩ - ٠١ - ٩٩٦٠ (ج ١)
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الأولى ١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م
مكتبة الرشد - ناشرون
المملكة العربية السعودية - الرياض
شارع الأمير عبد الله بن عبد الرحمن (طريق الحجاز)
ص. ب.: ١٧٥٢٢ الرياض ١١٤٩٤ - هاتف: ٤٥٩٣٤٥١ - فاكس: ٤٥٧٣٣٨١
E-mail: [email protected]
Website: WWW.rushd.com
فروع المكتبة داخل المملكة
* الرياض: فرع طريق الملك فهد: هاتف: ٢٠٥١٥٠٠ - فاكس: ٢٠٥٢٣٠١
* فرع مكة المكرمة: شارع الطائف: هاتف: ٥٥٨٥٤٠١ - فاكس: ٥٥٨٣٥٠٦
* فرع المدينة المنورة: شارع أبي ذر الغفاري: هاتف: ٨٣٤٠٦٠٠ - فاكس: ٨٣٨٣٤٢٧
* فرع جدة: ميدان الطائرة: هاتف: ٦٧٧٦٣٣١ - فاكس: ٦٧٧٦٣٥٤
* فرع القصيم: بريدة - طريق المدينة: هاتف: ٣٢٤٢٢١٤ - فاكس: ٣٢٤١٣٥٨
* فرع أبها: شارع الملك فيصل: تلفاكس: ٢٣١٧٣٠٧
* فرع الدمام: شارع الخزان: هاتف: ٨١٥٠٥٦٦ - فاكس: ٨٤١٨٤٧٣
* فرع حائل: هاتف: ٥٣٢٢٢٤٦ - فاكس: ٥٦٦٢٢٤٦
مكاتبنا بالخارج
* القاهرة: مدينة نصر: هاتف: ٢٧٤٤٦٠٥ - موبايل: ٠١٠١٦٢٢٦٥٣
* بيروت: بئر حسن: هاتف: ٨٥٨٥٠١/ ٠١ - موبايل: ٥٥٤٣٥٣/ ٠٣ - فاكس: ٨٥٨٥٠٢/ ٠١
المقدمة / 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين أما بعد:
فهذه ترجمة المؤلف الشيخ إبراهيم بن عبيد ﵀
ترجمة المؤلف
هو الشيخ الفرضي اللغوي المؤرخ الواعظ إبراهيم بن عبيد بن عبد المحسن بن عبيد.
ولد في الخامس عشر من جمادى الآخرة لعام أربع وثلاثين بعد الثلاثمائة والألف (١٥/ ٦/ ١٣٣٤ هـ) في مدينة بريدة بمنطقة القصيم ونشأ في بيئة محافظة وأسرة معروفة بالعلم والديانة.
فجده الشيخ عبد المحسن بن عبيد عرف بالديانة وحب أهل العلم والفضل، والصبر على خشونة العيش، وقد اتخذ أصحابًا من خيرة أهل زمانه للاستعانة بهم بعد الله على سلوك سبيل المؤمنين، وفقد بصره في آخر عمره، وقد خلف ابنين هما عبيد ومحمد وبنتًا واحدة، توفي ﵀ سنة خمس بعد الثلاثمائة والألف للهجرة (١٣٠٥ هـ).
أما والده فهو الشيخ الفاضل عبيد بن عبد المحسن من أكابر أعيان بريدة في زمنه ومن تجارها، كان محبًا للعلم وأهله باذلًا ماله في خدمة الفقراء والمحتاجين، عرف بالنسك والسخاء. ولد سنة سبع وستين بعد المائتين والألف للهجرة (١٢٦٧ هـ) في زمنٍ كثرت فيه الحروب والمحن والمخاوف، تأخر زواجه فلم يتزوج حتى بلغ أريعين سنة بعد أن شهد وقعة المليداء، وكان جيد الخط كاتبًا لأمير بريدة حسن بن مهنا، عارفًا بخرص الثمار، فيذهب مع خارص الأمير حسن بن مهنا لخرص الثمار وكان رفيقه في جودة الخط الكاتب محمد بن
المقدمة / 1
عبدان، ولم يكن في زمانهما أحسن منهما خطًا، وقد بسط الله عليه الرزق في النصف الأخير من عمره، فكان يتمنى أن لو كان ذلك في حياة والده ليواسيه ويوسع عليه، وكان يأكل من كسب يده وعنده ثروة عظيمة، ويبذل الأموال في سبيل الخير والإحسان وصلة الأقارب، وله مقامات في الإحسان.
ولما كانت سنة الجوع كان إذا خرج من بيته إلى السوق يحمل على رأسه أوعية التمر (الزبلان) فيها التمر والدقيق ويوزعه على من مرَّ به من الواقعين على ظهر الأرض من الجوع، وذلك سنة ١٣٢٧ هـ، وله مقامات ومبشرات كثيرة بأنه من أهل الجنة بسبب شكره لنعم الله وإنفاقها في سبيل الخير. وكان محافظًا على الصف الأول في الصلاة ولم تفته تكبيرة الإحرام عشرين سنة، وله عادات مستحسنة، فكان يفطر الصوام في شهر رمضان، ويرسل بالطعام إلى المعتكفين في العشر الأواخر منه، ويكثر من ذبح الأضاحي، وكان مكرمًا لأولاده وأحسن تربيتهم وقدمهم لتعلم القرآن والسنة، وإذا رأى منهم مجتهدًا فرَّغ باله وتكفّل له بطلب معيشته وجعله يشتغل بالعلم، وله معرفة بشراء الكتب ومطالعتها ويقدّم كثيرًا منها لأبنائه، وكان مولعا بتلاوة القرآن ويحب الشعر والحكمة.
كانت وفاته، ﵀، في آخر رمضان سنة ١٣٥١ هـ وله من العمر أربع وثمانون سنة، وعمر المؤلف حين وفاة والده سبعة عشر عامًا، وعدد أولاد عبيد اثنا عشر، سبعة من الذكور وهم: عبد العزيز فلما توفي صغيرًا ولد ابن له آخر فسماه أيضا عبد العزيز وتوفي كذلك صغيرًا، وعبد الرحمن ومات في حياة والده سنة ١٣٣٧ هـ، وعبد المحسن وتوفي بعد والده بثلاث عشرة سنة في سنة ١٣٦٤ هـ، وفهد وتوفي سنة ١٤٢٢ هـ، وإبراهيم وهو المؤلف، ومحمد ولا يزال حيًا وعلى ذكر حسن وإقبال على العبادة وزهادة في الدنيا مع كثرة
المقدمة / 2
اطلاعه على كتب السلف وخاصة شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وكتب أئمة الدعوة النجدية، ولم يتزوج محمد وعمره الآن يزيد على الثمانين أطال الله عمره على طاعته وختم بالصالحات عمله.
وولد لعبيد أيضًا خمس بنات ماتت واحدة في حياته وبقيت أربع إلى بعد وفاته، وذريته مباركة صالحة بحمد الله وتوفيقه.
نشأ المؤلف في هذه الأسرة ونهل من منهلها ولمَّا بلغ السادسة من عمره، التمس أهله فيه النجابة فقدّمه والده إلى الشيخ المربي صالح بن محمد الصقعبي، ﵀، وكان الشيخ صالح قد تفرّغ لتربية وتعليم الصبيان حتى إنه أنشأ مدرسة أهلية يتعلم فيها الطالب مبادئ العلوم والقراءة والكتابة والحساب، وبلغ عدد الطلاب في إحدى السنين في هذه المدرسة أربعمائة طالب يدرسهم الشيخ صالح والبارزون من طلابه.
وتستمر الدراسة في المدرسة ست ساعات يوميًا، ولذا تميّز من درس في هذه المدرسة عن غيره ومن التمس فيه الشيخ نجابة وحرصًا فإنه يخصّه بكثير من الوقت والفائدة، فيحفظ الطالب المجدّ عنده القرآن، ثم ينتقل إلى المشايخ الذين يدرّسون في المساجد. وكان المؤلف، ﵀، من هؤلاء المجدّين، فحفظ القرآن ولم يجاوز الثانية عشرة من عمره وأتقن حفظه بالتجويد. وكان الشيخ صالح، ﵀، يحفظ في منظومات التجويد، ولقد جعل الله القبول والمحبة لهذا الشيخ فأحبه أهل بريدة وأجلّوه لما كان له من جهد في تربية وتعليم أبنائهم.
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾، وتوفي الشيخ صالح سنة (١٣٥٨ هـ)، وانتقل المترجم له من مدرسة
المقدمة / 3
الشيخ صالح إلى حيث دروس الشيخ العلامة عبد العزيز بن إبراهيم العبادي ولد سنة (١٣١٤ هـ) وتوفي سنة (١٣٥٨ هـ) ﵀ فدرس عليه في شتى العلوم وأخذ عنه في التجويد، وكان الشيخ العبادي، ﵀، يحفظ عددًا من المنظومات في علم التجويد، فكان يحفظ الجزرية والتحفة، فحفظ المترجم عليه شيئًا من منظومات هذا العلم واستفاد من شيخه العبادي في هذا العلم.
ولقد قرأ أحد أحفاده القرآن عليه، ﵀، كعادته في مجالسه فوقع أن أخفى الميم في الفاء، فرد عليه ونبهه على هذا الخطأ وبين أحكام الميم الساكنة، واستشهد بقول الجزري في التحفه:
(واحذر لدى واو وفاء أن تختفي ... لقربها ولاتحاد فاعرف)
وتأمل اهتمام الشيخ العبادي ﵀ بعلم التجويد مع ما كان عليه من ثقل في لسانه، ﵀، ولم يمنعه ذلك فقد كانت همته عاليه.
وأخذ المترجم عن العبادي في الحديث والفقه والتوحيد والفرائض، وقد استفاد منه كثيرًا في الفرائض، وقد كان العبادي متميزًا في الفرائض، ولذا قال الشيخ عبد المحسن العبيد في رثائه له:
لقد كان في علم الفرائض آية ... فسبحان من قد خصه بالمواهب
يفكك تركيباتها وحسابها ... له نظر في فقهها والغرائب
إذا خاض في أبوابها وعلومها ... وأحكامها يوما أتى بالعجائب
وقال فيه الشيخ إبراهيم العبيد:
كما فاق في علم الفرائض غيره، وفي النحو والقرآن قد جاء بالعجائب.
المقدمة / 4
وعرف عن العبادي أنه يسهب في إيضاح المسائل وقرأ عليه في المطولات كـ (أعلام الموقعين عن رب العالمين) و(المغني) و(الشرح الكبير) و(شرح المنتهى) و(المقنع) و(الصحاح والسنن والمسانيد).
وقرأ عليه (مدارج السالكين) وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومع أخذه عن العبادي، ﵀، في هذه العلوم، فقد كان ملازمًا لشيخه الشيخ عمر بن سليم، ﵀، الذي انتهى إليه قضاء القصيم في زمنه وسارت إليه الركبان وجثت حوله الركب، وقد كان بحق مدرسة، بل جامعة متنقلة حوى من العلوم أنواعها، فلزم المترجم الشيخ عمر بن سليم، ﵀، ملازمة شديدة، وأخذ في شتى العلوم، وأكثر من الأخذ عنه، خاصة في الفرائض، فهو شيخه ومعلمه في الفرائض.
وكان الشيخ عمر يخصه بمزيد عناية لما رأى منه نبوغًا في الفرائض، ولقد حدث أنه كان وأقرانه عند الشيخ عمر يدرسون الفرائض، فكان الشيخ عمر على هيبته شديدًا في تعليمهم الفرائض، فأخبر أنهم كانوا يبكون عند الشيخ عمر لأنه كان يعنف من لا يجيب، فشكوا ذلك إلى الشيخ العبادي وطلبوا منه أن يكلم الشيخ عمر فيرفق بهم في تدريس الفرائض، فذهب إليه العبادي وكلمه وقال ﵀: (فلم يزده ذلك إلا شدة في التعليم ﵀.
وكان المترجم في جلساته يثني كثيرًا على الشيخ عمر بن سليم ﵀ ويجلّه، ويذكر أنه ما مرّ على القصيم رجل بمثابة الشيخ عمر بن سليم، ولذا ترجم له في تاريخه بترجمة حافلة في أحداث ١٣٦٢ هـ، ورثاه بقصيدة طويلة عدّد فيها مآثر شيخه الشيخ عمر ﵀.
المقدمة / 5
كما استفاد المترجم أيضًا من الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم ولم يدرك كثيرًا من مجالسه فكان جلّ أخذه عن الشيخين العبادي وعمر بن سليم.
وجلس المترجم للتدريس في المساجد وهو في الثانية والعشرين من عمره، وذلك بإلحاح من قبل مشايخه سنة ١٣٥٦ هـ.
واستمر في طلب العلم مع جلوسه للتدريس واشتغاله بتأليف الكتب، فلقد ألَّف كتابه (عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف شهر رمضان) وعمره خمس وعشرون سنة، وانتهى من تأليفه في سنة ١٣٥٩ هـ.
وأقبل على دروسه الكثير من طلبة العلم وأخذوا عنه في القرآن والتجويد واللغة والتوحيد والفقه وبخاصة الفرائض.
ومن أشهر من أخذ عنه الشيخ الفاضل صالح بن إبراهيم البليهي ﵀، ولد سنة ١٣٣١ هـ وتوفي في ٣/ ٥/ ١٤١٠ هـ، وكان أكبر سنًا من شيخه فأخذ عنه، وكانت لهما رحلات إرشادية إلى بعض المدن والقرى، ومن أبرز مؤلفات الشيخ صالح البليهي كتاب (السلسبيل في معرفة الدليل) حاشية على زاد المستقنع.
ومن طلاب الشيخ المترجم الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، حفظه الله، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة.
ومن طلابه أيضًا محمد بن عودة، الرئيس العام لتعليم البنات سابقًا.
ومنهم الشيخ عبد الرحمن الحميد، والشيخ علي بن راشد الرقيبة، والشيخ الزاهد عبد الله الحسين، والشيخ علي السكاكر رئيس هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سابقًا، والشيخ صالح بن عبد الرحمن القرعاوي استمر بالقضاء في عدد من المدن وانتهى به المطاف إلى أن أصبح قاضيًا في هيئة
المقدمة / 6
التمييز بمكة المكرمة، وتوفي ﵀ في ٢٨ رمضان ١٤٢٥ هـ، والشيخ الفاضل علي الربيش رئيس المحكمة الجزائية ببريدة، والشيخ الفاضل الواعظ عبد العزيز العقل، والشيخ عبد الله بن محمد الزعاق توفي عام ١٤١٠ هـ ﵀، والشيخ الزاهد محمد المرشد ﵀، والدكتور علي العجلان مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية في منطقة القصيم، والأستاذ سليمان التويجري. وغيرهم كثير من مشايخ وقضاة رحم الله الأموات منهم وحفظ الأحياء وبارك فيهم.
وقد امتدحه الشيخ الأديب محمد بن عبد العزيز الهليل فقال:
هو الشهم إبراهيم ذو النبل والإخا ... أبوه عبيد العابد المتبصر
عبيد بن عبد المحسن العابد الذي ... محاسنه في الناس تروى وتذكر
جزا الله إبراهيم خيرًا فإنه ... لذو العلم والتوفيق والله أقدر
ففقه وتاريخ مع الوعظ والرثا ... علوم وآداب تصان وتنشر
أما عن صفته، فقد كان ﵀ أبيض اللون طويلًا، عريض ما بين المنكبين، وله هيبة ووقار، وترى عليه سمة العالم، ولقد حدثني أحد كبار السن قال: كنا ونحن صغار نرى الأرض ترتج إذا مشى في السوق أحد هؤلاء الثلاثة - عمر بن سليم، وفهد العبيد، وإبراهيم العبيد - على أن المتحدث لم يكن بعيد السن عن المترجم ﵀.
وأحدثت هيبة شخصيته، فقد كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وربما طالب بتأديب المعتدي ويقف على تأديبه بنفسه، وله احترام وتقدير لدى المسؤولين من ولاة الأمر.
المقدمة / 7
وشارك أهالي بريدة قديمًا في تطوير مدينتهم وتوفير الخدمات، فكان الأهالي قديما يراجعونه في هذه الأمور فيرفع إلى ولاة الأمر مباشرة بل ربما ذهب بنفسه إلى ولي الأمر وقابله في ذلك.
وأخبرناه مرة أنه بُدئ العمل في امتداد شارع المياه جنوبًا، فقال: نعم أنا كتبت بطلب هذا الشارع برغبة الأهالي ورفعت الطلب إلى الملك فيصل، ﵀، وجاء بعدها بريد بالشكر والإفادة أنه سيتم ذلك، إن شاء الله، بعدما يتم اعتماد شارع الشاحنات ببريدة.
وكان أريحيًا اجتماعيًا لمن يجلس معه بأدب، فلقد حدثني أحد طلابه قال: كان الشيخ يأخذنا نحن الطلاب إلى رحلة برية ترغيبًا لنا في العلم وكان يمازحنا بل ويجعلنا نلعب أمامه لعبة المطارحة، فكان يشاهدنا ويضحك لذلك.
قال تلميذه الأستاذ سليمان التويجري وكان من صفاته التي يعتز بها كل تلميذ جثم على ركبتيه أمامه متعلمًا دماثة في الخلق ومتواضعًا في الأخلاق وإخلاصًا في إيصال المعلومات إلى أذن تلاميذه.
ومن الجدير بالذكر أن المؤلف، حفظه الله وأكثر من أمثاله، رجل اجتماعي بطبعة يحب الاختلاط والامتزاج بمشايخه وتلاميذه، وكانت النكتة لا تغادر مجلسه الأمر الذي يدعو جلساءه إلى الرغبة الأكيدة في الاجتماع والائتناس به، وكان قارضًا للشعر وله ديوان في الشعر، والمذكور يملك حاسة رقيقة شفافة تدعوه في كثير من الأحيان إلى إبداع غرر القصائد التي يرثي بها مشايخه وتلاميذه أهـ.
وكان يجيب دعوة الزواج ويحرص عليها على كثرتها ويحث أبناءه على الحضور، فإذا حضر وسلم على الحضور أمر أحد أولاده بأن يقرأ آيات من
المقدمة / 8
القرآن، ثم يشرع هو في تفسيرها والتعليق عليها ولا يطيل لمناسبة الدعوة. ويلي دعوة من دعاه ولو كان بعيد البلد، ويذكر أحد أبنائه قال: ذهبت معه إلى إحدى القرى وقد أجاب دعوة، وتبعد تلك القرية عن بريدة قريبًا من ثلاثمائة كيلومتر، فحضر الدعوة ووعظ في المسجد والبيت ثم رجع في يومه.
وكان يحب الجلوس والاجتماع بأولاده وأحفاده وأصهاره ويقيم لذلك وليمة، ولا يمر أسبوع إلا وقد جمع الأسرة، فإذا اجتمعوا أخذ بالحديث ربما عن التاريخ وأخبار الأمم أو عن أخبار علماء القصيم وأئمة الدعوة النجدية، أو طلب من أحد أبنائه أن يقرأ شيئًا من القرآن، فكان ينصت للقراءة ويثني على القارئ ويفسر الآيات ويطرح أسئلة في إعراب الآيات على الحضور، وكان يطرح عليهم كثيرًا من المسائل الفرضية، وربما أحضر معه كتابًا وطلب من أحد أبنائه أن يقرأ عليهم ويحب دواوين الشعر. ولم يكن يملّ من ذلك.
وقبل وفاته بشهر قُرئ عليه الميمية لابن القيم وذلك قبل الحج بأيام، وكان يحبها، فأثنى على ابن القيم كثيرًا وعلى القصيدة، وحيث كان في جلسة أسرية فقد طلب من بعض النساء الحضور لسماع القصيدة والتعليق عليها، فشرع يشرح القصيدة ويتلذذ بها. حتى خنقته العبرة فجعل يخفيها ﵀.
قال أحد أحفاده: ولما رجعنا من الحج تلك السنة وقدمت للسلام عليه قدم إليّ ديوانه البستان وهو مخطوط، وطلب مني أن أقرأ عليه قصيدة الصرصري في قصة يوسف وإخوته ﵈، وفي الليلة التي أصيب فيها بالمرض كنا في وليمة أسرية فطلب أن نحضر كتابًا لنقرأ فيه فاخترت له كتاب الشوقيات لأحمد شوقي، فأخذه وجعل يثني على شعر أحمد شوقي ويذكر ما بينه وبين حافظ إبراهيم، ثم بحث عن قصيدة.
المقدمة / 9
وأصيب ﵀ بالمرض في تلك الليلة، ولما رجع من جدة وقد كان ذهب إليها للعلاج، اجتمعنا حوله للسلام عليه، فطلب مني أن أقرأ آيات من القرآن، فقرأت عليه سورة النجم كاملة، وكان قد ضعف بصره ويعاني من الألم، فلما بلغت قوله تعالى: ﴿وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى﴾ جعل يتأمل كلام ابن تيمية ﵀ حينما قال:
أنا المكدي وابن المكدي ... وهكذا كان أبي وجدي
فترحم عليه.
وهكذا كانت مجالسه عامرة بالعلم حتى إنه كان يطرح المسائل العلمية على بناته وحفيداته ﵀.
وكان من شأنه أيام الطلب أنه يقضي أوقاتًا كثيرة في طلب العلم تزيد على ست عشرة ساعة يوميًا ما بين قراءة وتأليف، وكان يكره أن يشغله أحد عن القراءة والكتابة، واختار الاشتغال بالتعليم عن الوظائف الأخرى، فلقد عرض عليه القضاء مرات فاعتذر حبًا للسلامة وإيثارًا للعافية، عرض عليه القضاء في إحدى نواحي القصيم وفي عسير وفي الجوف وفي تيماء، فاعتذر، وألحَّ عليه الشيخ محمد بن إبراهيم ﵀ أن يتولى قضاء تيماء فطلب منه الإعفاء حتى بكى أمام الشيخ فعذره الشيخ لذلك.
التحق بالتعليم النظامي عندما أسست أول مدرسة في بريدة سنة ١٣٥٦ هـ، واستمر يدرس فيها حتى تقاعد رحمه الله تعالى سنة ١٣٩٦ هـ.
وطلب منه أن يفتح درسًا في الفرائض وأخبر برغبة طلاب العلم بذلك فقال إنه منشغل بالتأليف وأنه جلس ما فيه البركة، وأخبر أنه جلس أربعين سنة يدرس فيها بالمساجد وهكذا وأكثر منه في إمامة المسجد.
المقدمة / 10
قال الدكتور عبد الله بن محمد الرميان: تولى الشيخ إبراهيم العبيد إمامة مسجد ماضي سنة ١٣٦٢ هـ بعد وفاة إمامه سليمان الحميد واستمر في إمامته حتى سنة ١٣٦٦ هـ، فتكون إمامته في هذا المسجد خمس سنوات، انتقل بعد ذلك إلى مسجد ابن خضير الجنوبي، ثم انتقل إلى مسجد مجاور لسكنه، واستمر في إمامته إلى وفاته ﵀ سنة ١٤٢٥ هـ، فتكون مدة إمامته قريبًا من ثلاث وستين سنة.
وكان بقاؤه في مسجد ابن خضير إلى سنة ١٣٩٩ هـ، وفي مسجد السويلم إلى سنة ١٤٠٣ هـ، ثم في مسجده من عام ١٤٠٣ هـ، إلى وفاته ﵀.
وكان له جلد في نسخ الكتب بيده، ونسخ عددًا من الكتب قبل وجود الطباعة الحديثة مثل (حادي الأرواح) لابن القيم، و(فتح المجيد) للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ.
وقصائده كثيرة ومؤلفاته التي بلغت أكثر من ٥٢٣٧ صفحة.
أما عن شعره فلقد أنشأ عددًا من القصائد في فنون متنوعة كالوصف والنصيحة والمدح والرثاء والإخوانيات وغيرها في أكثر من ست وعشرين قصيد بما مجموع أبياتها: ٨٧١ بيتًا، وهذا ما ذكره في كتابه التذكرة وله قصائد غيرها.
وبذا عدَّه الأدباء والمؤلفون في شعراء المنطقة. قال الدكتور إبراهيم المطوع وهو يتحدث عن كتاب على تذكرة أولى النهي والعرفان، ولكون المؤلف شاعرًا، فقد احتوى الكتاب على مادة شعرية وفيرة للمؤلف نفسه ولشعراء من المنطقة ومن خارجها كـ: ابن سحمان وابن مشرف وحسن بن
المقدمة / 11
نفيسه فيحرص المؤلف على أن يتبع كل حادثة أو مناسبة أو موقعة مما قيل فيها أو حولها من قصائد شعرية تصل أحيانًا إلى سبعة وسبعين بيتًا، كقصيده للشاعر صالح بن عبد العزيز العثيمين، فرثاء الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم وقصيدة المؤلف البالغة ثمانية وسبعين بيتًا في مناسبة وفاة عدد من معارفه عام ١٣٦٤ هـ، وقد يتدخل المؤلف في إصلاح ما اعوج عروضيًا من تلك القصائد أو يحذف أبياتًا منها لعدم استقامتها أو يترك القصيدة فلا يوردها لأنها غير موزونة.
وعلى ذلك فهو يكتب تاريخه بحس الأديب الناقد، وهذا ما يجعلنا مطمئنين إلى ما أورده من نصوص شعرية إلى أن قال: وهكذا نرى أنه ورد في كتابه ما مجموعه من القصائد والمقطوعات (٤٤) قصيده ومقطوعة، ومجموع أبياتها (١٣١٨) بيتًا فقط لشعراء المنطقة من عام ١٣٥١ - ١٤٢٠ هـ.
على أن الدكتور إبراهيم استفاد منه في الأجزاء المطبوعة، وهي إلى سنة ١٣٨٤ هـ، وتلك نهاية الجزء الخامس، وبعد النظر في المخطوطات وهي الأجزاء المتبقية وجدت له عددًا من القصائد، ونقل عن غيره كذلك.
أما مؤلفاته
فأقدمها وأشهرها هو كتاب (عقود اللؤلؤ والمرجان في وظائف شهر رمضان). الكتاب الذي أثنى عليه الأكابر والأصاغر، وهزَّ القلوب وساقها إلى علّام الغيوب مع أنه ألفه في صغره، فقد فرغ من تأليفه سنة ١٣٥٩ هـ وعمره حينها خمس وعشرون سنة، وطبع الكتاب الأول سنة ١٣٧١ هـ، مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة على نفقة الشيخ حسن محمد بن محمود الشنقيطي ﵀، وتوالت الطبعات بعدها في أكثر من أربع عشرة طبعة، واشتهر عند الناس في وقته، وكان يقرأ به في مساجد نجد قبل صلاة التراويح وبين السليمات وصلاة
المقدمة / 12
القيام في شهر رمضان، ولقد أخبراني أنه بلغه أن الكتاب وصل إلى الملك عبد العزيز ﵀ فكان يقرأ عليه في رمضان وكان يبكي وهو يستمع للكتاب، وسأل كثيرًا عن مؤلفه فاهداه الملك بعضًا من الكتب، ويقع الكتاب في مجلد واحد في أربعمائة وإحدى عشرة صفحة بتوزيع بديع على مجالس الوعظ والإرشاد في شهر رمضان.
ومن كتبه كتاب التاريخ، وقد سماه (تذكرة أولي النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان) طبع منه خمسة أجزاء ولا زالت البقية إلى الجزء الثامن في المطبعة، وتتولى طبعه مكتبة الرشد، ولعله ينزل قريبًا بإذن الله تعالى، وبدأ في التاريخ بمقدمة ثم ترجم للشيخ محمد بن عبد الوهاب ﵀، ثم بتعريف بالمملكة العربية السعودية.
وأول سنه أرَّخ فيها سنة ١٢٦٨ هـ ونهاية الجزء الأول إلى سنة ١٣١٩ هـ، ويبدأ الثاني من سنة ١٣٢٠ هـ إلى سنة ١٣٣٩ هـ، ويبدأ الثالث من سنة ١٣٤٠ هـ إلى سنة ١٣٥٢ هـ، ويبدأ الرابع من نفس السنة إلى سنة ١٣٧٢ هـ، والجزء الخامس وهو نهاية المطبوع يبدأ سنة ١٣٧٣ هـ إلى سنة ١٣٨٤ هـ، ويبدأ السادس وهو مخطوط من سنة ١٣٨٤ هـ إلى نهاية السنة ١٣٨٥ هـ، ويبدأ السابع من سنة ١٤١٠ هـ، ثم الثامن من السنة نفسها، وآخر خبر ذكره في تاريخه ووقف عليه قلمه هو نبأ وفاة الشيخ العالم العلامة محمد بن صالح العثيمين ﵀ ولم يكمل ترجمته وذلك سنة ١٤٢١ هـ.
وقد أودع في تاريخه أخبارًا عالمية مصدره منها الإذاعات والإعلام وأفواه الرواة، وأخبارًا محليه وقف على كثير من الإعلام وأخبارًا عن علماء نجد والقصيم بخاصة وأخبار القصيم وتراجم العلماء ومشايخ ووجهاء القصيم ٤
المقدمة / 13
ومراثيه لهم، فحفظ بهذا الكتاب تاريخ تلك الفترة الزمنية ما بين سنة ١٢٦٨ هـ إلى سنة ١٤٢١ هـ.
وهو مرجع الباحثين والمؤرخين في تلك الفترة في كثير من الأمور، وقلّما تجد من ألّف عن القصيم إلا وينقل عن هذا الكتاب.
قال الدكتور إبراهيم المطوع: وهو كتاب تاريخي قيم يؤرخ للدولة السعودية ويعد مرجعًا أصيلًا وفريدًا لكثير من مؤرخي ودارسي الأدب والتاريخ السعودي.
ومن كتبه كتاب (الأعلام المرفوعة والتحف المدفوعة وعقيدة أمة الإسلام المقروءة والمسموعة) وهو شرح لمتن العقيدة الوسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ﵀، ويقع في جزءين، وهو مطبوع بأكمله وفرغ من تأليفه في ٢١/ ٨/ ١٤٠٣ هـ.
ومن كتبه أيضًا: (السحاب المركوم والرحيق المختوم في وظائف السنة منثورها والمنظوم) ويقع في ثلاثة مجلدات. ومن كتبه أيضًا: (رياض الأنوار الزاهرة والحكم المنثورة الباهرة في تعظيم سنة سيد ولد آدم وفخرهم في الدنيا والآخرة) ويقع في مجلد واحد، وقد فرغ من تأليفه في ٢/ ٣/ ١٤١١ هـ.
ومنها كتاب (تحذير الأنام عن ارتكاب القبائح والآثام في تحريم الدخان والمسكرات والمفطرات) ويقع في مجلد واحد حرره في ٤/ ٥/ ١٤١٨ هـ، وله كتيّب صغير في دعاء ختم القرآن، فهذه كتبه المطبوعة وله كتب مخطوطة، منها كتاب (البستان) في المواعظ والحكم والأمثال، وهو ديوان شعري جمع فيه بعضًا من قصائده وقصائد لبعض السابقين، ومنه كتاب (التحريم في تبرج النساء) وكتاب
المقدمة / 14
(لزوم الجماعة) وله منسك في الحج والعمرة وذكره في كتابه (التذكرة) أنه قد ألَّف كتابًا في وصف رحلته إلى جنوب المملكة، وله قصائد كثيرة لم تنشر.
أصيب الشيخ إبراهيم بجلطة في شبكة العين في شهر ذي الحجة من عام ١٤٢٤ هـ، فراجع المستشفيات، وسافر إلى جدة لأخذ العلاج، واعتمر في سفرته تلك ثم رجع إلى بريدة، وبعد رجوعه بيومين اشتد عليه الألم في صدره، وفي وتلك الليلة الأولى من سنة ١٤٢٥ هـ نقل إلى مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة وبقي فيه إلى وفاته، ﵀، يوم السبت الثامن من شهر محرم سنة خمس وعشرون بعد الأربعمائة والألف في الساعة العاشرة والنصف صباحًا، وقد تناقل الناس نبأ وفاته في ذلك اليوم واجتمعوا للصلاة عليه لصلاة المغرب في جامع الخليج ببريدة الذي يؤم فيه المصلين فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن محمد الونيان، حفظه الله وبارك في جهوده، فازدحم الناس للصلاة عليه وامتلأ المسجد بالمصلين وكذا الطرقات وصلى عليه في المسجد إمامًا أخوه محمد ثم حمل على الأكتاف حيث صلي عليه في الطريق إلى المقبرة عدة مرات. صلى عليه فضيلة الشيخ عبد الله القرعاوي حفظه الله إمام الجامع الكبير ببريدة، ومرة أخرى صلى عليه الشيخ عبد الله بن الشيخ صالح الخريصي إمام جامع الخريصي، ودفن تلك الليلة التي توفي فيها بعدما بكاه الناس وترحموا عليه وتأثروا لفقده، وحضر جمع كثير من طلاب الشيخ وأصدقائه ومحبيه، وقبر في مقبرة الموطأ ببريدة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
المقدمة / 15
تقديم الناشر "علي الحمد الصالحي"
أحمدك اللهم حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا كما أنت أهله.
وأصلي وأسلم على عبدك ورسولك المصطفى ونبيك المجتبى، عدد قطرات الماء وذرات الثرى، وعدد سكان الأرض والسماء من الخلائق، وعدد ما نطق بذكر الله ناطق؛ وعدد الحركات والسكون، وعدد ما كان وما يكون.
وبعد فإن علم التأريخ من العلوم التي تناولها الكاتبون: في كافة العصور لأن فيه عدة مقاصد، منها الاعتبار بحال من مضى وما جازى الله به من أطاع وعصى في الدنيا جزاء معجلًا، ومنها أن من عرف أخبار الماضين عاش معهم في أحوالهم وأفكارهم إلى غير ذلك من المقاصد.
وقد اعتنى به أناس كثيرون خارج الجزيرة العربية ما بين خاص بقطر أو بلاد وما بين عام، أما في هذه الجزيرة فلم يعتن به إلا أفراد قلة في القرون الأولى، ثم أهمل مئات من السنين، ثم بعد دعوة الشيخ "محمد بن عبد الوهاب" كتب فيه أناس حسب ما تهيأ لهم من داخل الجزيرة وغيرها، وتعتبر دعوة الشيخ بمنزلة المطر النازل على الأرض الميتة فاهتزت وربت.
ثم كتب فيه ابن غنام والجبرتي وابن بشر وآخرون، منهم كاتب هذا التاريخ الشيخ الفاضل المؤرخ "إبراهيم بن عبيد" وقد بذل فيه جهدًا كبيرًا، وأوقاتًا ثمينة، وتابع الوقائع والحوادث حسب ما بلغ إلى علمه، فجاء هذا التاريخ عامًا في وقت مست الحاجة إليه. حافلًا بشتى الحوادث والأخبار والوفيات؛ ولعله يكون حافزًا للقراء المطلعين لجمع بقية الشتات، ونقل للحقائق من ألسنة الثقات.
"ومؤسسة النور للطباعة والتجليد" ترى عظيم المنة لمن كان مساندًا لها بالسبق لهذه المفخرة؛ وقد كانت بفضل الله عليها سباقة للخير، داعية إليه، تترسم من الأمور أعلاها.
1 / 3
وسيكون هذا التاريخ في خمسة أجزاء متوسطة (١) حسب تجزئة مؤلفه؛ نفع الله به والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
_________
(١) بلغت أجزاء هذا المؤلف ثمانية أجزاء إلى نهاية عام ١٤٢١ هـ.
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ترجمة المؤلف:
بقلم تلميذه: سليمان العبد العزيز التويجري
هو الشيخ الفاضل الموسوم بالعلم والفضائل إبراهيم بن عبيد بن عبد المحسن آل عبيد ولد في خامس عشر جمادى الثانية سنة ١٣٣٤ هـ، ونشأ في أحضان والديه، ثم أخذ في الدراسة في إحدى المدارس الأهلية في بريدة، ولما تم له من العمر اثنتا عشرة سنة حصل على حفظ القرآن ودراسته بالتجويد، وأخذ نصيبًا من تعلم الخط والحساب، وكان ذلك موضع الإعجاب من مدرسيه لما لمسوه منه من الجد والاجتهاد.
ثم إنه لما أخذ نصيبه الوافر من تلك المدرسة انضم إلى التعلم على يد الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم العبادي المشهور بالعلم والتدريس في القصيم.
وانضم أيضًا إلى التعلم من فضيلة الشيخ عمر بن محمد بن سليم وجدّ ونافس في طلب العلم وأكثر من الأخذ عنهما.
ومن جملة ما درس به عليهما إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم، وكشاف القناع عن الإقناع للبهوتي؛ والروضة الندية لصديق بن حسن القنوجي الهندي، وزاد المستقنع وشرحه، والرحبية في الفرائض والمواريث وملحة الإعراب في النحو، وألفية ابن مالك في النحو والصرف، وكتب العقائد والحديث كالعقيدة الواسطية؛ والصابونية والطحاوية، والتوحيد وشروحه.
وأخذ عن الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم ونال الأعجاب من مشائخه وأعجبوا بجهده واجتهاده وقوة حافظته وذاكرته، حتى كان يذهب بين العشائين
1 / 5