بهذا الاسم إلَّا في أشرف مقاماته وهي مقام الإسراء ونحوه، ومقام الاحتجاج على رسالته بمعجزات القرآن، ومقام دعاء المكلفين إلى الإيمان بتلاوة القرآن.
ففي المقام الأول دُعِيَ ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾ [سورة الإسراء: ١] ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [سورة النجم: ١٠] وفي المقام الثَّاني قال الله ﷿ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ [سورة البقرة: ٢٣] وفي المقام الثالث ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا﴾ [سورة الجن: ١٩] يعني الجن لما دعاهم إلى الإيمان (١).
وكذلك لما خُير النبيُّ ﷺ بين أن يكون ملكًا رسولًا، أو عبدًا رسولًا، فاختار ﵊ أن يكون عبدًا رسولًا (٢)، لعلمه بشرف العبودية لله ﷿ وفي هذا المعنى قال القائل:
يا قَومِ قَلبِي عندَ زَهرَاءِ ... يَعرِفُهُ السَّامِعُ والرائِي
لا تَدعُني إلَّا بِيَا عَبدَهَا ... فإنَّه أشرفُ أسمائِي (٣)
والسبب في ذلك أن الإلاهية والسيادة والربوبية إنَّما هي بالحقيقة لله ﷿ لا غير، والعبودية بالحقيقة لمن دونه، فإذا (أ) كان في مقام العبودية فهو في رتبة الحقيقة، ورتبة الحقيقة أشرف المراتب، إذ ليس بعد الحقيقة إلَّا
_________
(أ) في س فان.
(١) قارن بفتح المبين لشرح الأربعين لابن حجر الهيتمي ص ١٨.
(٢) رواه أحمد في المسند ١٣/ ١٧ طبعة شعيب الأرنؤوط وصحَّح سنده.
(٣) البيتان في الدر المصون للسمين الحلبي ١/ ١٩٥ والبيت الثَّاني أورده محمد بن الطَّيِّب الفاسي في شرح كفاية المتحفظ، وخرجه محققه.
1 / 9