الحديث الصحيح، بهذه الكلمة الجامعة المانعة، التي تعدّ من جوامع الكلم، ومن دلائل البيان النبوي، الذي لا يدانيه ولا يقاربه بيان بشري، هي قوله في تعريف الاحسان: "ان تعبد الله كأنك تراه، فان لم تكن تراه فإنه يراك".
الذكر:
وأول هذه الثمرات الذكر، ولقد قرأت عن أحد الصالحين (ونسيت (١) اسمه)، ان ابتداء أمره أنه كان له خال متعبد، وكان يلازمه، فقال له: "يا خالي ماذا أعمل لأكون مثلك". فقال له خاله: قل كل يوم ثلاث مرات "ان الله ناظر اليّ، ان الله مطلع عليّ". فقالها، واستمر عليها اسبوعا، فأمره أن يقولها ثلاث مرات في عقب كل صلاة، فقالها، وتركه اسبوعا، وأمره أن يقولها بقلبه بدلا من أن يحرك بها لسانه، فتعود بذلك على أن يكون دائمًا ذاكرًا مراقبًا.
وما أمر الله بشيء في القرآن ما أمر بالذكر، ولا أثنى على أحد ما أثنى على الذاكرين. والذكر في لسان العرب الذي نزل به القرآن ذكران: ذكر القلب، وذكر اللسان، وكلاهما ورد في القرآن. فمن ذكر القلب قوله: ﴿إني نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان أن أذكره﴾.
أي: ان اتذكره ويخطر على بالي. ومنه: ﴿اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك ... يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم﴾. ومن ذكر اللسان قوله: ﴿واذكر في الكتاب ابراهيم ... واذكر في الكتاب مريم ... اذكرني عند ربك ... واذكروا اسم الله عليه﴾.
_________
(١) وليس تحت يدي وأنا أكتب هذا الكتاب، شيء من المراجع لأرجع اليه في تذكر ما نسيت، ما عندي الا كتاب الله وكفى به مرجعا.
1 / 85