المقارنات المؤثرة ، والمقارنات المؤثرة كمقارنة الأعراض للكم فإن الأعراض إذا اقترنت بالكميات تميز بعضها عن بعض ، وصارت ذا كم. وأما المقارنات التي لا تؤثر فى ذات المقارن شيئا فغير مضرة فى أن يكون الشىء معقولا.
اللامس ما لم يستحل مزاجه لم يدرك : كاليد إذا لم يستحل فى مزاجه لم يدرك الملموس. والمستحيل غير ثابت فكيف يدرك معدوم! فإذن المدرك شىء موجود وهو غير المزاج. وقد كان المزاج الأصلى لا يدرك ذاته. فلما صار الطارئ يدرك ذاته فإن حركة الارتعاش تقتضى محركين إذ قد عرفنا أن الحركة الطبيعية على سبيل اللزوم والارتعاش حركتان متمانعتان ، فلهما محركان أحدهما صورة المزاج والثاني معنى آخر وهو النفس لا محالة. وأيضا فإن حركة الأرواح مختلفة ولاختلافها أسباب مختلفة فهى غير المزاج فاذن هى النفس. وأيضا لو كان المحرك فى الحيوانات المزاج لما وجب الإعياء لأنه لا يوجب شىء واحد حركة ويمنع عنها. فالإعياء إحساس بألم تابع لتغير مزاج تابع لتحريك إلى خلاف ما يقتضيه المزاج. والمزاج الحاصل مع الإعياء هو مزاج العضو. فما الذي يشعر بالإعياء وهو نفس مزاج العضو لو لا تمانع الحركتين بسبب اختلاف المحركين وهما النفس والطبيعة والحركة المزاجية؟!
الألم إحساس بشيء غير ملائم. وليس يصح أن يفسد مزاج شىء من مقتضى ذاته ، فإن سوء المزاج هو تغير مزاج كان يقتضيه مثال يتوجه إليه المزاج فيقال هو صحيح بحسبه. وذلك المثال هو النفس الذي يعبر عنه بأنه الكمال فى المزاج. إذ الجسم الفاسد لا يصح أن يكون علة لإعادة المزاج الأصلى. ثم ما معنى المزاج الأصلى إن لم يكن هناك مثال يتوجه إليه المزاج فيقال هو صحيح بحسبه؟! فإن كل مزاج هو صحيح فى ذاته إن لم يعتبر قياسه إلى ما يقتضيه ذلك المثال ، وكذلك الحال فى الاغتذاء فإن طلب الغذاء هو طلب بدل ما قد تحلل من البدن (29 ب) ولا يتحلل من النامى شىء. فإذن هو فعل لغير المزاج بل كما له. وكذلك الحال فى المبادي فإنه غير المزاج الذي قد بطل بل هو الكمال للمزاج الأصلى.
الإعياء إنما يحدث من مقتضى تجاذب النفس والطبيعة وكذلك الارتعاش.
لا برهان على أن النفوس الغير المستكملة إذا فارقت يكون لها مكملات ، كما يعتقد بعضهم أن نفوس الكواكب مكملة لها وأن تلك النفوس المقارنة مكملة لها ، وكذلك لا برهان على أن النفوس الغير المستكملة إذا فارقت لا يكون لها بعد المفارقة مكملات.
إن كانت رؤيا النائم فيضا من العقل الفعال على النفس أولا ثم تفيض عنها إلى
পৃষ্ঠা ৮৭