معنى قوله : «ماهية الجوهر جوهر» هو بمعنى أنه الموجود فى الأعيان لا فى موضوع ، وهذه الصفة موجودة له. وإذا عقلت النفس منه هذه الصفة فإنما يحصل منه فى النفس معقول ماهيته ومعناها لا ذاتها. وسواء كانت ماهيته فى الأعيان أو فى النفس فإن النفس تعقل منها أنها الموجودة فى الأعيان ، لا فى موضوع ، وليس إذا كانت فى النفس أو فى العقل فى موضوع بطل هذا الحكم عنها ، ولم يكن ماهية لا تكون فى الأعيان ليس فى موضوع ، وهو مثل حجر المغناطيس والكف.
هذه الماهية وهى أنها ماهية من شأنها أن تكون موجودة فى الأعيان لا فى موضوع إذا عقلت وحصلت فى العقل لم تتغير عن حقيقتها ، فإنها تكون أيضا فى الأعيان لا فى موضوع ، والمعقول منه فى النفس هو عرض فيها وهو أنه إذا وجد كان وجوده لا فى موضوع ويكون ذلك لازما من لوازمه لا حده.
قولهم : إن العقل ينتزع صور الموجودات ويستثبتها فى ذاته فليس معناه أنه ينتزع تلك الصور والذوات كما هى ، بل يعقل معناها ، ويستثبت ذلك المعنى فى ذاته. وتلك الموجودات جواهر كانت أو أعراضا فإن المعقول منها فى النفس عرض إذ هى فى النفس لا كجزء منها. ولا تصير تلك الذوات صورا للنفس أو العقل كما ذهب إليه قوم بل معانيها تكون صورا لها.
معقولية الشىء هى من لوازم الشىء وهى انتزاع معناه واستثباته فى الذهن.
ليس من شرط الموجود فى شىء أن يطابق ذاته كالمقدار فى الجسم أو النقطة فى الخط فإنه إن كان المقدار يطابق الجسم يكون مثله جسما فيكون جسم فى جسم. والنقطة فى الخط إن كان تطابق جزءا منه فسيكون من نقطة خط.
النقطة كيفية فى الخط ، وهو مثل التربيع لأنها حالة للخط المتناهى ولما كانت نهاية الخط الذي له بعد واحد ومقدار واحد لم يكن له مقدار ، كما أن الخط نهاية السطح الذي هو ذو بعدين وصار له بعد واحد . وكذلك السطح لما كان نهاية لذى الثلاثة الأبعاد وهو الجسم ، صار له بعدان.
كل ذى مقدار فله وضع خاص. والنقطة وإن لم تكن مقدارا فلها وضع وإليها (24 ب) إشارة. والنقطة لا تنقسم. وكل ذى وضع فإنه ينقسم ، فإن الموجبة الكلية لا تنعكس. والوضع للنقطة من جهة أنها تكون فى خط وأما فى ذاتها فإنها لا وجود لها منفردة بل هى كيفية فى موضوع ، وكذلك البياض له وضع من جهة موضوعه
পৃষ্ঠা ৭৩