حسبما احتملنا في مقالتهم أولا، أو أن نسبيته إنما هي من جهة تضمنه لطرفي القيام الذي محله الطالب، والتعلق الذي محله المطلوب منه، والمعتبر في تحققه وإن كان تحقق هذين الطرفين في الخارج، غير أنه لا يعتبر مقارنة تحققهما بحسب الزمان، بل يجوز تراخي زمان تحقق المطلوب منه عن زمان تحقق الطالب متلبسا بجهة القيام، بأن ينقدح في نفسه الأمر النفساني، المعلق انعقاده طلبا حقيقيا على لحوق التعلق بوجود المطلوب منه وعلمه بقيام الأمر النفساني بالنفس، وتسميته طلبا إنما هو باعتبار أوله (1) إلى الطلب، ولا ضير أن يكون مرادهم بالكلام النفسي المعبر عنه بالطلب هذا المعنى الذي لا سبيل إلى التشكيك في ثبوته، فيمكنهم بذلك حينئذ اختيار ثاني شقي الترديد من دون لزوم محذور، لأنه إنما يلزم لو قالوا بتحقق الطلب التام المتضمن لجهتي القيام والتعلق بدون وجود المطلوب منه معه في جميع آنات وجوده أو في بعضها، وهذا ليس بلازم من مذهبهم لما عرفت من إمكان كون المراد من الطلب هنا المعنى القائم بالنفس لا بشرط شئ من التعلق وعدمه.
وأما الجواب عن ثاني الاعتراضات: فيمكن بأن التوجه المسؤول عنه بالقياس إلى الطوائف الثلاث في الأحوال الثلاث إن أريد به التوجه الواقعي على حد ما هو ثابت في الأحكام الواقعية بالقياس إلى متعلقاتها، على معنى كون المعنى القائم معدا لأن يتعلق بهم عند زوال عذرهم، فيختار الشق الأول وهو الحكم بالتوجه، والقول بكونه تكليفا بما لا يطاق، يدفعه: منع كون ذلك من مقام التكليف، فإن المفروض لم ينعقد تكليفا بعد، وإن أريد به التوجه التكليفي الذي هو عبارة عن مقام تعلق الأمر النفساني بهم فعلا فيختار الشق الثاني.
وتوهم: كونه تغيرا في القديم.
يدفعه: أن التغير من جهة الوجود تارة والعدم أخرى إنما يحصل في التكليف،
পৃষ্ঠা ৮৬