وأما القول بكونها لنفس المسائل، فأول ما يرد عليه ويبطله: أنه لو صح ذلك لامتنع الجمع في الحدود بين أخذ العلم جنسا واعتبار تعلقه بالمسائل ومرادفاته، ضرورة امتناع اتحاد المتعلق مع المتعلق، فوجب أن لا يراد المسائل من الجنس، فلا يكون المحدود أيضا مرادا به المسائل، لوجوب انطباق الحد على المحدود.
وثاني ما يرد عليه: صدق الفقيه والحكيم و المتكلم وغيرها من الألفاظ المشتقة من تلك الأسامي باعتبار معناها الوصفي المأخوذ فيه المبدأ صدقا حقيقيا، ومن الممتنع كون ذلك المبدأ هو المسائل، لأن القائم بالذات المأخوذة في مفاهيم هذه المشتقات ليس هو المسائل، ولا أن الذات متصفة أو متلبسة بها، بل هو إما التصديق أو ملكته، فوجب أن يكون مسمى الألفاظ أيضا أحد هذين، لوجوب التطابق بين المشتق والمشتق منه في المعنى الحدثي.
مع أنه لم نقف لهذا القول على ما يعتمد عليه إلا على وجوه ضعيفة، ربما أمكن الاحتجاج بها :
منها: دعوى تبادر المسائل من تلك الألفاظ.
ومنها: قولهم: " النحو ما دونه فلان " و " المنطق ما دونه فلان " وهكذا، بتقريب: إن المدون ليس إلا المسائل.
ومنها: قولهم: " هذا فقه أو نحو أو منطق " إشارة إلى الكتاب الحاضر، بتقريب:
أن الإشارة إنما تقع على المكتوب الذي ليس إلا المسائل، فهي مسمى الاسم الواقع محمولا، لامتناع حمل المبائن.
ومنها: قولهم: " هذه المسألة من النحو أو بعض منه " وما أشبه ذلك، بتقريب:
أن كون شئ بعضا من شئ مسمى باسم، يستدعى كون الاسم اسما للمجموع من الشئ الأول وغيره، وهو ليس إلا المسألة بحكم الإشارة فكذلك غيره.
وفي الأول: منع واضح، لو أريد به ما يستند إلى حاق اللفظ ليكون وضعيا.
نعم شيوع إطلاقها على نفس المسائل مما لا مجال إلى إنكاره، فإن أريد به ما يستند إليه أو ما هو موجود في الأمثلة المذكورة، وفي مثل قولهم: " فلان يعلم
পৃষ্ঠা ৩৫