وَقَالُوا إِن لله تَعَالَى لم يزل خَالِقًا بارئا مصورا غَفُورًا رحِيما شكُورًا وَكَذَلِكَ جَمِيع صِفَاته الَّتِي وصف بهَا نَفسه يُوصف بهَا كلهَا فِي الْأَزَل كَمَا يُوصف بِالْعلمِ وَالْقُدْرَة والعز والكبرياء وَالْقُوَّة كَذَلِك يُوصف بالتكوين والتصوير والتخليق والإرادة وَالْكَرم والغفران وَالشُّكْر
وَلَا يفرقون بَين صفة هِيَ فعل وَبَين صفة لَا يُقَال إِنَّهَا فعل نَحْو العظمة والجلال وَالْعلم وَالْقُدْرَة
وَكَذَلِكَ إِنَّه لما ثَبت أَنه سميع بَصِير قَادر خَالق بارئ مُصَور وَأَنه مدح لَهُ فَلَو اسْتوْجبَ ذَلِك بالخلق والمصور والمبرئ لَكَانَ مُحْتَاجا إِلَى الْخلق وَالْحَاجة أَمارَة الْحَدث
وَأُخْرَى أَن ذَلِك يُوجب التَّغَيُّر والزوال من حَال إِلَى حَال فَيكون غير خَالق ثمَّ يكون خَالِقًا وَغير مُرِيد ثمَّ يكون مرِيدا وَذَلِكَ نَحْو الأفول الَّذِي انْتَفَى مِنْهُ خَلِيله إِبْرَاهِيم ﵇ بقوله ﴿لَا أحب الآفلين﴾
والخلق والتكوين وَالْفِعْل صِفَات لله تَعَالَى وَهُوَ بهَا فِي الْأَزَل مَوْصُوف وَالْفِعْل غير الْمَفْعُول وَكَذَلِكَ التخليق والتكوين وَلَو كَانَا جَمِيعًا وَاحِدًا لَكَانَ كَون المكونات بأنفسها لِأَنَّهُ لم يكن من الله إِلَيْهَا معنى سوى أَنَّهَا لم تكن فَكَانَت
وَمنع بَعضهم من أَن يكون فِيمَا لم يزل خَالِقًا وَقَالَ إِنَّه يُوجب كَون الْخلق مَعَه فِي الْقدَم
وَأَجْمعُوا أَنه لم يزل مَالِكًا إِلَهًا رَبًّا وَلَا مربوب وَلَا مَمْلُوك وَكَذَلِكَ يجوز أَن يكون خَالِقًا بارئا مصورا وَلَا مَخْلُوق وَلَا مبروء وَلَا مُصَور
1 / 38