وَأَجْمعُوا أَنَّهَا لَيست هِيَ هُوَ وَلَا غَيره وَلَيْسَ معنى إِثْبَاتهَا أَنه مُحْتَاج إِلَيْهَا وانه يفعل الْأَشْيَاء بهَا وَلَكِن مَعْنَاهَا نفى أضدادها وإثباتها فِي أَنْفسهَا وَأَنَّهَا قائمات بِهِ
لَيْسَ معنى الْعلم نفى الْجَهْل فَقَط وَلَا معنى الْقُدْرَة بِنَفْي الْعَجز وَلَكِن إِثْبَات الْعلم وَالْقُدْرَة
وَلَو كَانَ بِنَفْي الْجَهْل عَالما وبنفي الْعَجز قَادِرًا لَكَانَ المُرَاد نفي الْجَهْل وَالْعجز عَنهُ عَالما وقادرا
وَكَذَلِكَ جَمِيع الصِّفَات
وَلَيْسَ وَصفنَا لَهُ بِهَذِهِ الصِّفَات صفة لَهُ بل وَصفنَا صفتنا وحكاية عَن صفة قَائِمَة بِهِ وَمن جعل صفة الله وَصفَة لَهُ من غير ان يثبت لله صفة على الْحَقِيقَة فَهُوَ كَاذِب عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَة وذاكر لَهُ بِغَيْر وَصفه وَلَيْسَ هَذَا كالذكر فَيكون مَذْكُورا بِذكر فِي غَيره لِأَن الذّكر صفة الذاكر وَلَيْسَ بِصفة للمذكور وَالْمَذْكُور مَذْكُور بِذكر الذاكر والموصوف لَيْسَ بموصوف بِوَصْف الواصف وَلَو كَانَ وصف الواصف صفة لَهُ لكَانَتْ أَوْصَاف الْمُشْركين وَالْكفْر صِفَات لَهُ كنحو الزَّوْجَة وَالْولد والأنداد
وَقد نزه الله تَعَالَى نَفسه عَن وَصفهم لَهُ فَقَالَ ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ﴾ فَهُوَ جلّ وَعز مَوْصُوف بِصفة قَائِمَة بِهِ لَيست ببائنة عَنهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿وَلَا يحيطون بِشَيْء من علمه﴾ وَقَالَ ﴿أنزلهُ بِعِلْمِهِ﴾ وَقَالَ ﴿وَمَا تحمل من أُنْثَى وَلَا تضع إِلَّا بِعِلْمِهِ﴾ وَقَالَ ﴿ذُو الْقُوَّة المتين﴾ ﴿ذُو الْفضل الْعَظِيم﴾
1 / 36