وَأهل الشَّام سموهم جوعية لأَنهم إِنَّمَا ينالون من الطَّعَام قدر مَا يُقيم الصلب للضَّرُورَة كَمَا قَالَ النَّبِي ﷺ بِحَسب ابْن آدم أكلات يقمن صلبه
وَقَالَ السرى السقطى ووصفهم فَقَالَ أكلهم اكل المرضى ونومهم نوم الغرقى وَكَلَامهم كَلَام الخرقى وَمن تخليهم عَن الْأَمْلَاك سموا فُقَرَاء قيل لبَعْضهِم من الصُّوفِي قَالَ الَّذِي لَا يملك وَلَا يملك يعْنى لَا يسترقه الطمع وَقَالَ آخر هُوَ الَّذِي لَا يملك شَيْئا وَإِن ملكه بذله
وَمن لبسهم وزيهم سموا صوفية لأَنهم لم يلبسوا لحظوظ النَّفس مالان مَسّه وَحسن منظره وَإِنَّمَا لبسوا لستر الْعَوْرَة فتجزوا بالخشن من الشّعْر والغليظ من الصُّوف
ثمَّ هَذِه كلهَا أَحْوَال أهل الصّفة الَّذين كَانُوا على عهد رَسُول الله ﷺ فَإِنَّهُم كَانُوا غرباء فُقَرَاء مُهَاجِرين أخرجُوا من دِيَارهمْ وَأَمْوَالهمْ ووصفهم ابو هُرَيْرَة وفضالة بن عبيد فَقَالَا يخرون من الْجُوع حَتَّى تحسبهم الْأَعْرَاب مجانين وَكَانَ لباسهم الصُّوف حَتَّى إِن كَانَ بَعضهم يعرق فِيهِ فيوجد مِنْهُ ريح الضَّأْن إِذا أَصَابَهُ الْمَطَر هَذَا وصف بَعضهم لَهُم حَتَّى قَالَ عُيَيْنَة بن حصن للنَّبِي ﷺ إِنَّه ليؤدينى ريح هَؤُلَاءِ أما يُؤْذِيك ريحهم
ثمَّ الصُّوف لِبَاس الْأَنْبِيَاء وزى الْأَوْلِيَاء
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي ﷺ إِنَّه مر بالصخرة من الروحاء سَبْعُونَ نَبيا حُفَاة عَلَيْهِم العباء يأمون الْبَيْت الْعَتِيق وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ كَانَ عِيسَى علية السَّلَام يلبس الشّعْر وَيَأْكُل من الشَّجَرَة ويبيت حَيْثُ أَمْسَى وَقَالَ أَبُو مُوسَى كَانَ النَّبِي ﷺ يلبس الصُّوف ويركب
1 / 22