وَأَصْحَاب فَضَائِل وأنوار دَلَائِل آذانهم وَاعِيَة وأسرارهم صَافِيَة ونعوتهم خافية صفوية صوفية نورية صَفِيَّة ودائع الله بَين خليقته وصفوته فِي بريته ووصاياه لنَبيه وخباياه عِنْد صَفيه هم فِي حَيَاته أهل صفته وَبعد وَفَاته خِيَار أمته لم يزل يَدْعُو الأول الثَّانِي وَالسَّابِق التَّالِي بِلِسَان فعله أعناه ذَلِك عَن قَوْله
حَتَّى قل الرغب وفتر الطّلب فَصَارَ الْحَال أجوبة ومسائل وكتبا ورسائل فالمعاني لأربابها قريبَة والصدور لفهمها رحيبة
إِلَى أَن ذهب الْمَعْنى وبقى الِاسْم وَغَابَتْ الْحَقِيقَة وَحصل الرَّسْم فَصَارَ التَّحْقِيق حلية والتصديق زِينَة وادعاه من لم يعرفهُ وتحلى بِهِ من لم يصفه وَأنْكرهُ بِفِعْلِهِ من أقرّ بِهِ بِلِسَانِهِ وكتمه بصدقه من أظهره ببيانه وَأدْخل فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ وَنسب إِلَيْهِ مَا لَيْسَ فِيهِ فَجعل حَقه بَاطِلا وسمى عالمه جَاهِلا وَانْفَرَدَ المتحقق فِيهِ ضنا بِهِ وَسكت الواصف لَهُ غيرَة عَلَيْهِ فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ وانصرفت النَّفس عَنهُ فَذهب الْعلم وَأَهله وَالْبَيَان وَفعله فَصَارَ الْجُهَّال عُلَمَاء وَالْعُلَمَاء أذلاء
فدعاني ذَلِك إِلَى أَن رسمت فِي كتابي هَذَا وصف طريقتهم وَبَيَان نحلتهم وسيرتهم من القَوْل فِي التَّوْحِيد وَالصِّفَات وَسَائِر مَا يتَّصل بِهِ مِمَّا وَقعت فِيهِ الشُّبْهَة عِنْد من لم يعرف مذاهبهم وَلم يخْدم مشايخهم وكشفت بِلِسَان الْعلم مَا أمكن كشفه ووصفت بِظَاهِر الْبَيَان مَا صلح وَصفه ليفهمه من لم يفهم إشاراتهم ويدركه من لم يدْرك عباراتهم وينتفي عَنْهُم خرص المتخرصين وَسُوء تَأْوِيل الْجَاهِلين وَيكون بَيَانا لمن أَرَادَ سلوك طَرِيقه مفتقرا إِلَى الله تَعَالَى فِي بُلُوغ تَحْقِيقه بعد أَن تصفحت كتب الحذاق فِيهِ وتتبعت حكايات المتحققين لَهُ بعد الْعشْرَة لَهُم وَالسُّؤَال عَنْهُم
وسميته بِكِتَاب التعرف لمَذْهَب أهل التصوف إِخْبَارًا عَن الْغَرَض بِمَا فِيهِ بِمَا فِيهِ
1 / 20