পুরানো বিশ্বের খাবার
الطعام في العالم القديم
জনগুলি
وأحيانا يتحدث جالينوس نفسه - وغالبا ما كان استثناء لهذه الفكرة العامة - عن رؤية الطبقة الراقية الحضرية. وهو يتحدث في كتاب «عن المزاج السيئ غير المتزن» مثلا (43 جرانت) عن أن أسلوب الحياة الخامل يؤدي إلى الإصابة بمزاج سيئ غير متزن، وأضاف: «في قديم الزمان، فيما يبدو، لم يكن يعاني أحد من هذه الحالة؛ لأنه لم يكن من السائد أن يعيش الناس بذلك المستوى من الراحة والوفرة ...» وقد أطلعنا جالينوس على نموذج التطور الذي يفضله هسيود وكاتو وجوفينال، وهو النموذج القائل بأن ذوي السلطان على وجه التحديد يقل معدل عملهم عما كان عليه في العصر الجمهوري المتشدد؛ فالثراء جلب «أوتيوم» أو «سكولي» - أي حياة الرفاهية - وتزامن مع ذلك زيادة اعتلال الصحة. (5) المسرح الكوميدي والمسرح التراجيدي الإغريقي والروماني
وثمة جنس أدبي بارز آخر ظهر على مدار عدة قرون فوق خشبة المسرح الكوميدي، ويلاحظ فيه الاحتفاء بالطعام في صور شعبية احتفالية. وينطبق هذا على المسرح الكوميدي في المدن الإغريقية ذات الحكم الذاتي (من القرن الخامس إلى القرن الثالث قبل الميلاد)، وفي المسرح الروماني الذي قدمه بلاوتوس وتيرينس (من القرن الثالث إلى القرن الثاني قبل الميلاد). ومن السمات اللافتة في مناقشة المسرح الكوميدي ابتكار صور مبكرة عن الفردوس تخلو من أي أزمات خاصة بنقص الطعام، ويتوافر فيها الطعام في قالب مثالي، يكاد يتوسل فيه إلى الناس ليأكلوه (راجع الفصل الخامس). ويقدم الشاعر فيريكراتيس الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد مثالا، وذلك من مسرحيته «عمال المناجم» (الشذرة 113، 3-9):
أنهار تمتلئ بالعصيدة والمرق أخذت تتدفق في القنوات وهي تصدر خريرا، وتجد فيها ملاعق وغير ذلك، وتمتلئ أيضا بقطع من كعك الجبن؛ ولذلك، كان من السهل أن تنزلق اللقمة من تلقاء نفسها إلى داخل أفواه الموتى. وكانت تتوافر قطع السجق المصنوع من لحم ودم الخنزير، وكانت تنتثر رقائق السجق بجوار ضفاف النهر وكأنها محار.
هذا هو الأدب الذي يتناول نقص القوت، ويقابله الأدب الذي يتناول الإسراف الذي كان يصدره الأغنياء الذين كانوا يرقبون في فزع السلوكيات التي تنم عن الإسراف الذي يأتي به البعض - كثيرا ما يكونون من الشباب حسبما يقال - من بين أقرانهم الموسرين (راجع الفصل السابع، وديفيدسون 1997، وويلكنز 2000).
والنسخ الكوميدية الساخرة من هذه التصورات المثالية مهمة للغاية؛ نظرا لأنها تقدم لجمهور كبير، وهو ما لم يكن من المحتمل أن ينطبق على نصوص أفلاطون أو ثوسيديديس، على سبيل المثال.
يقدم المسرح الكوميدي مقابلا قيما للعالم الثري المميز الذي يحيط بجلسة الشراب القديمة؛ ففي جلسات الشراب - في شعر ثيوجنيس وبيندار وغيرهما - نجد تمجيدا للمثل العليا المتعلقة بالتميز الأرستقراطي، وتشجيعا للتجمعات الأنيقة التي يحضرها الأقران ممن ينتمون للطبقات الراقية في المدن ذات الحكم الذاتي. وصورة جلسة الشراب هذه شجعت الفكرة القائلة بأنها ظلت سنة مقصورة على أبناء الطبقة الراقية في المدن ذات الحكم الذاتي في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد. وهذا صحيح إلى حد ما؛ إذ كان الأغنياء يحضرون جلسات شراب أكثر فخامة ولمرات أكثر مقارنة بغيرهم. ولكن جلسات الشراب لم تكن مقصورة على أبناء الطبقة الراقية، وذلك كما أحاول أن أبرهن في الفصل السادس.
وتكمن قيمة المسرح الكوميدي بالنسبة إلى هذه الدراسة في كونه اجتماعا عاما للمواطنين؛ إذ كان جمهوره هائلا، وكان عدده يصل في أثينا وسيراقوسة إلى نحو 15000 مواطن وغيرهم. وينشب خلاف كبير حول تركيبة الجمهور، ولكن ليس حول حجمه أو القدرة المدهشة التي يمتلكها الشعر الهزلي على الجمع بين التعبير الأدبي الراقي واللغة الدارجة المستعملة في الشارع. وقدمت المسرحيات الكوميدية - مثل شقيقتها المسرحيات التراجيدية - في الاحتفالات العامة التي كانت تعبر عن الأساطير والأيديولوجيا وهموم المجتمع ككل. وهذا الجمهور المؤلف من كل الطبقات يكاد يكون فريدا في تاريخ إنتاج الأعمال الأدبية القديمة. وبالإضافة إلى الجمهور الكبير والمتنوع إلى حد استثنائي، كان الشعراء الهزليون يكتبون أيضا في إطار قواعد أدبية ودينية مدهشة؛ ومن ثم، شرع شعراء المسرح التراجيدي - باستثناءات بارزة - في التخلص من الكثير من التفاصيل المتعلقة بالطعام في مسرحياتهم، واختاروا تمثيل هذه التفاصيل في مسرحية رابعة إضافية لتختتم الثلاثية، وهي عبارة عن محاكاة ساخرة. وعلى العكس من ذلك، أدرج شعراء المسرح الفكاهي الطعام وعادات تناول الطعام في مسرحياتهم بدرجة مبالغ فيها. وهذه التقديرات مقدمة بالمقارنة - على سبيل المثال - بملاحم هوميروس التي لا تحذف الإشارات إلى تناول الطعام مثل المسرح التراجيدي.
فبينما تصور ملاحم هوميروس تقديم قرابين من الحيوانات على نحو متكرر في ملحمة «الإلياذة»، وتصور مشاهد تناول الطعام في الكثير من المناسبات في ملحمة «الأوديسا»؛ نجد أن المسرح التراجيدي يقلل من وصف تلك المناسبات. ويذكر تناول الطعام في الولائم بصفته نشاطا كان يستمتع به الناس (راجع ويلكنز 2003)، ولكن لم يعد أحد يمارسه. وكثيرا ما كان للولائم في المسرحيات التراجيدية مغزى مشئوم، وهو ما يتصل بقطع العلاقات بين الآلهة والبشر بسبب فساد طقس تقديم القرابين؛ فهذه الطقوس لا تسير بحسب المقرر لها سلفا، وكثيرا ما تقترن بالقتل. وتظهر هذه السمة بوضوح في الأساطير المتعلقة بأكل لحوم البشر وبالقتل الشعائري، وهي الأساطير الحاضرة عادة في الأسطورة التراجيدية. والأسطورة الأولى يصورها إيسخيلوس في مسرحيته «أجاممنون»، وفيها تصف الكاهنة الطروادية الأسيرة كاساندرا رؤيا كئيبة ترى فيها مقتل أطفال ثيستيس (1219-1222): «رأيت أطفالا يقتلون وكأنما على أيدي أقربائهم، وتمتلئ أيديهم بوضوح باللحم؛ لحم الأطفال، وبأعضائهم الحيوية وأمعائهم - آه وا أسفاه - التي كان قد تذوقها أبوهم.» وفي هذه الرؤيا، يقسم لحم الأطفال إلى الفئات الثلاث المتبعة عند تقسيم الحيوان في طقس تقديم القرابين: وهي اللحم، والأعضاء الحيوية، والأحشاء (راجع فيرنان 1989 والفصل الأول).
ونجد علاقة أشمل بين تقديم القرابين والقتل وتقطيع الجسم البشري، وذلك بالتشبيه بذبح الحيوان بغرض تقديمه كقربان، وذلك في المسرحية التي ألفها يوربيديس بوحي من أسطورة إلكترا؛ وهذا التشبيه ناقشه دوراند (1989). ونجد إيجيسثوس - زوج الأم الشرير - يقدم ثورا كقربان ويدعو عابري سبيل من الغرباء (وهما في الواقع ابن زوجته المبعد أوريستيس وصديقه بيلاديس) لمشاركته في وليمة من لحم القربان مقدمة للحوريات. وفي كلام مطول (774-858)، يروي الرسول مشهد إيجيسثوس وهو يذبح بقرة صغيرة، ويدعى أوريستيس لتقطيعها، ويكشف الجلد الأبيض ويسلخ البقرة ويفتح الجزء الواقع تحت القفص الصدري؛ ويجد الكبد (وهو من الأعضاء الحيوية المهمة من عدة نواح) ولكنه لم يكن مقسما إلى فصوص، أما الطحال فهو أيضا غير سليم من الناحية التشريحية. ويقترح أوريستيس أن يبدءوا في إقامة وليمة من الأعضاء التي يجب تذوقها في طقس تقديم القرابين، ولكن إيجيسثوس ينحني ليفصل أجزاء الكبد، فيضربه أوريستيس على فقرات عموده الفقري ويكسر ظهره؛ فينهار جسم إيجيسثوس بأكمله، ويسقط مترنحا، ويلفظ أنفاسه الأخيرة، «ويموت ميتة أليمة غير طبيعية». يضع يوربيديس خطوات طقس تقديم القرابين جنبا إلى جنب مع واقعة القتل، حتى إنه أثناء انشغال إيجيسثوس في خطوات تقديم القربان يتلقى الضربة وكأنه ثور يضرب تمهيدا لذبحه. وتحفل خطبته هذه بالكثير من الأفكار الملتبسة؛ إذ تستخدم الدمج بين موت الحيوان وموت الإنسان لطرح أسئلة كئيبة عن موت الطاغية، ودور أوريستيس المظلوم. والفقرة مزعجة عن قصد؛ فمع أن هذه الشعيرة تشير إلى الوليمة التي كان من المتوقع أن يستمتع بها المشاركون، فإنها في الوقت نفسه تذكر جمهور المشاهدين باستمرار بالتفاصيل غير الملائمة. ويشمل هذا جسم الحيوان وجسم الإنسان، وبالتضمين الأمر الإلهي الذي يشرف على هذه المناسبة الدينية. ويشار إلى فكرة تذوق اللحم مرتين. ومتعة الأكل - كعهدها دوما - تكون قريبة زمنيا من فعل تقديم القربان، ولا بد أن نقارن هذه الفقرة بالفقرتين الواردتين في مسرحية ميناندر اللتين استشهدت بهما في الفصل الثالث بخصوص التوازن بين التقوى والمتعة عند حضور وليمة من لحم القرابين.
وليس المقصود بهذا أن نقول إن المسرح التراجيدي يستبعد الطعام تماما. يصف يوربيديس وليمة فاخرة في دلفي في مسرحيته «أيون»، وفيها يدعى شعب دلفي إلى مأدبة في الهواء الطلق في خيام أقمشتها مرسوم عليها النجوم وهي في قبة السماء ووحوش خارقة. ويرتدون الأكاليل ويأكلون وليمة لذيذة (لا توصف بالتفصيل) تقر بها عيونهم، وينتقلون إلى جلسة الشراب، وتقدم الأقداح الذهبية والعطور ويبدأ احتساء الشراب، وصولا إلى محاولة تسميم البطل الأثيني أيون. ويذكر تسميم القدح بالحياة في قصر الإسكندر وقصور الملوك الهلنستيين وغيرهم من الملوك الذين كانوا يعيشون في خوف من السموم وغيرها من وسائل الاعتداء على حياتهم واغتيالهم.
অজানা পৃষ্ঠা